اقتصادصحيفة البعث

برسم الإجراءات السريعة..!!

قسيم دحدل

بعد الخبر – الإعلان – عن بدء التسجيل على المقنّن من سكر ورز وزيت، أول أيام شهر آذار الحالي، وترقب المواطنين بداية هذا اليوم، تخرج وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لتعدل يوم بدء التسجيل وتأجيله ليومين أو ثلاثة بحجة عدم حصول عدد من المستحقين على حصصهم للدورة السابقة!!

سنبلع هذه الحجة، ونتجاوز مدى صحتها، وسنراهن على “أن كل تأخيرة فيها خيرة”. لكن تجاوزنا لذلك لا يرحم مسؤوليتنا – على الأقل – في التنبيه لما تشهده الأسواق من فلتان سعري محموم تطاول على أية قدرة ومقدرة بقيت عند المستهلك المحدود الدخل الذي أنين فاقته وصل إلى أشباه الميسورين والمقتدرين مالياً، فكيف بمن ليس له حيلة وفتيلة سوى راتبه وأجرة يومه اليتيمين من أية مساعدة عاجلة أو زيادة نعتقد بضرورة وجوبها عاجلاً غير أجل، في ظل مستجدات اقتصادية ونقدية غير محتملة أبداً.

تسونامي غلاء طال مختلف المنتجات الغذائية والسلع الاستهلاكية، أي وصل لذقن “سوليلة معيشة” المواطن المنهك، تسونامي “رجالاته” تجار الجشع ممن لم يتورعوا سابقاً ولن يتورعوا حالياً ومستقبلاً عن تغليب نفخ جيوبهم وكروشهم على تكبير عقولهم وتحريك ضمائرهم، والرضا بما رضي به المهدود الدخل من قول: “لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم”، كون “الموت” هنا يعني كساد وخسارة وعدم قدرة على تنمية المال والأعمال، إذ أنَّ فقدان الأسواق لا شك يُوصل لفقدان التجارة، إذا ما تدنت القدرة الشرائية للشريحة الأعظم إلى حدِّ طهي البرغل بالماء عوضاً عن الزيت النباتي!!

رادارات أولئك التّجار تعمل ليل نهار وتلتقط بمعية “الخلان” – ممن هم في الجهات الحكومية صاحبة التدبير والقرار في ضبط الأسواق والأسعار واستشعار المحظور من أخطار – علمت ما علمت، فاتخذت قرار الاحتكار، وخاصة بعد أن “بشّر” وزير التجارة وحماية المستهلك، ومنذ الثالث والعشرين من شباط الماضي، بوجود شح في المواد الأساسية في السوق حالياً وعددها 33 سلعة!!

وهنا نسأل: أليس الكشف عن هكذا معلومة، حتى وإن كان هذا هو الحال، من مسؤول حكومي، له من الخطورة  والدلالات والرسائل البليغة الأثر، على عكس لو كانت من تاجر أو غرفته؟!!.

وما زاد الطين بلّة تبريره الحسابي لرفع الأسعار، حين قارب موضوع تكاليف بعض المواد من بوابة مستلزمات تأمينها، في اجتماعه مؤخراً مع الفعاليات التجارية بهدف دراستها.

رغم ذلك، ربما كان السيد الوزير ينطلق في مقاربته من حسن نيّة ومصارحة كي يتحمل الكل مسؤولياته، لكن ما يؤخذ عليه أنه نسي سجلات وسجالات الحكومة في هذا المضمار مع التّجار، وإنعاشاً للذاكرة نُذكِّر بما حدث قبل الأزمة بسنوات يوم كان الخير وفيراً، بين وزيرة الاقتصاد الدكتورة لمياء عاصي والتّجار، حينها طلبت منهم تخفيض سعر كلغ السكر والرز ليرة واحدة فأبوا!!

نترك كل هذا وغيره من منغصات، لنسأل: أين هي هيئة المنافسة ومنع الاحتكار التي وأدوا صوتها وأجهضوا مهامها ومسؤولياتها، لتصبح عبارة عن مديرية ملحقة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لا حسّ ولا خبر لها، ولتُخَسَّر الأذرع الرقابية الحكومية أهم أذرعها؟! ولمن لا يعلم أهمية الهيئة، فليرجع لما تمثله، وما كان لها من صلاحيات، وما يعني وجودها – وليس أي وجود – اقتصادياً واستثمارياً وتجارياً وسوقياً!!

الآن، وكلنا أمل أن تفلح الإجراءات الحكومية في مسعاها ومحاولاتها في تأمين السلع وضبط الأسواق والأسعار، نؤكد أن مسؤولية الكلّ يجب أن تكون حاضرة وفاعلة بعيداً عن أية مداهنة ومصالح ومنافع فردية ضيّقة، وأن يكون التاجر والمسؤول على قدر خطورة المرحلة وتحدياتها المتوقعة، وإلاَّ فـ “دار” السوري لن يبقى في قَدْرِها سوى الحجار!!

Qassim1965@gmail.com