دراساتصحيفة البعث

النظام المالي العالمي مقبل على الانهيار

قسم الدراسات 

من المنظور الاقتصادي، تظهر العملات قوتها من ميزان التجارة الخارجية، وميزان المدفوعات الخارجية، وكلما زادت صادرات أي دولة زادت قوة عملتها. وبالنظر إلى الأزمة الأوكرانية، وقيام كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بطبع كميات كبيرة من الدولارات واليورو، فإن العالم مقبل على تضخم كبير، وربما انهيار النظام المالي العالمي في وقت مبكر من هذا العام، والذي كان متوقعاً له في غضون عامين، بحسب ما يتمّ تداوله في الدراسات الاقتصادية.

ومن الطبيعي –نتيجة الأزمة في أوكرانيا- أن تكون هناك فترة من التضخم المفرط، وأن تتوقف التجارة العالمية لبعض الوقت، ولكن بعدها ستقوم كلّ دولة بإعادة إنشاء عملتها الخاصة، ولكي تكون مستقرة سيتمّ ربطها بالذهب، وهناك العديد من الدول -من بينها دول عربية- تمتلك احتياطات مقبولة من الذهب، لكن عملاتها المحلية تعاني من التضخم بسبب الديون وإنفاق الفوائد على سداد الديون للمصارف الغربية المقرضة، بالإضافة إلى تلاعب البنوك والحكومات الغربية بسعر الذهب كي لا يصبح بديلاً عن الدولار، وبالتالي فإن معظم من يملكون احتياطات جيدة من الذهب قد لا يستفيدون من هذه الاحتياطات!.

وهنا يبرز التنسيق بين الصين وروسيا ودول منظمة شنغهاي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إذ من المؤكد جداً أن الصين لن تدعم أي عقوبات ضد موسكو، وستواصل تطوير التعاون الاقتصادي مع الشركات الروسية. وبحسب مدير المركز التحليلي الروسي الصيني، سيرغي ساناكوييف، ستوافق الصين بالتأكيد على زيادة التعاون مع روسيا، لأن “حزمة العقوبات تنتقل من المستوى الإقليمي إلى المستوى العالمي”. وهذا يدلّ على أن الغرب هو من دفع أوكرانيا لتكون كبش الفداء لإعادة ضبط النظام المالي العالمي. ما يعني بالضرورة أن الصين هي هدف الغرب وليس روسيا فقط. وعليه، لا شك أن الصين ستقدم على تعزيز ومساعدة روسيا لضمان عدم عزلها، وبالتالي ضمان أن تؤدي هذه السياسة إلى العزل الذاتي للغرب نفسه.

للوهلة الأولى يعتقد الكثيرون –كما تروّج الدعاية الغربية- أن العالم كله ضد روسيا. لكن العالم ليس أوروبا والولايات المتحدة وحدهما، فهناك أيضاً دول في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ما يعني أن الصين وبقية دول منظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، كلها دول قادرة معاً، بتخليها عن نظام “بريتون وودز”، على تأسيس نظام خاص بها، من أهم مميزاته الانتقال إلى الدفع بالعملات الوطنية والتخلي عن الدولار.

ويرى نائب مدير معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الكسندر لومانوف، أن الوضع الحالي يفرضُ تحديات خطيرة، وأن العقوبات ضد روسيا ستنعكس على الصين التي تدرك أن العقوبات على روسيا ما هي إلا درس للمستقبل، ولا بد أن الصين تتوقع ضربات مماثلة، لكن العلاقات مع روسيا ستعمل على تخفيف وطأتها.