صحيفة البعثمحليات

عديم الذمة لا يضبطه قانون..!.

غسان فطوم
بحسب آخر التصريحات على لسان المعنيين في وزارة التنمية الإدارية، بات قانون الذمة المالية قريباً جداً من الصدور، وهو الذي كان وما زال مطلباً ملحاً لأجل محاربة الفساد المالي الذي استشرى واستفحل في عدد من المؤسّسات، دون حسيب أو رقيب!.
وعلى الرغم من تأكيدات المعنيين بالأمر أن جميع الإجراءات والآليات اللازمة لتطبيق هذا القانون باتت جاهزة بشكل يحقّق الهدف المجدي منه، لكن ثمة من يرى أن الفساد المالي على وجه الخصوص لا يمكن مكافحته بمجرد إقرار نصّ قانوني على الورق، وإنما يحتاج لإجراءات إدارية عملية وإصلاحات تشريعية مرنة تبدأ بالتوازي مع إصدار القانون المذكور، ولعلّ أهمها العمل على إصلاح الرواتب الشهرية والمعاشات التقاعدية إلى الحدّ الذي يشعر الموظف من أي درجة وظيفية وفي أي موقع كان أنه مكتفٍ مادياً، ولا حاجة له لمدّ يده إلى المال العام، والأهم أن تكون السلطة القضائية التي تبتّ في قضايا الفساد المالي ذات استقلالية كاملة وبعيدة عن تأثير أو ضغط السلطات الحكومية، فالذاكرة القريبة والبعيدة فيها الكثير من الأمثلة عن فاسدين من العيار الثقيل تورّطوا بالفساد المالي وتمّ إعفاؤهم، وكأنّ شيئاً لم يكن رغم الأدلة القاطعة!. لذلك مهمة إقناع الشارع بجدوى قانون الذمة المالية المنتظر ليست بالأمر السهل، فالمفروض أن نبتعد عن شعارات مكافحة الفساد، وذلك من خلال امتلاك الجرأة في تنفيذ ما سينصّ عليه القانون على كل من يثبت تورطه بالفساد المالي كائناً من كان، ومتابعة ذلك إلى الآخر بكل شفافية أمام الرأي العام ليكون على بيّنة بكل التفاصيل، ومن غير ذلك ستبقى الثقة معدومة بأي نص تشريعي لا يساوي قيمة الحبر الذي كُتب به.

بالمختصر.. القانون وحده لا يكفي مهما كانت مواده متشدّدة بالعقوبة، فهو يحكم على الظاهر لا الباطن “الضمير والأخلاق”، وطالما هناك ثغرات أو استثناءات لخرقة فلا هيبة له، لذا لا بد من تلازم النص مع التنفيذ العملي الفوري دون مجاملة، وإلا فالفساد سيبقى يتمدّد، وحيتانه عديمو الذمة والأخلاق أكثر شراهةً لبلع مليارات الليرات التي من المفترض أن تشكّل عماد اقتصادنا الوطني في هذه المرحلة الصعبة!.
gassanazf@gmail.com