ثقافةصحيفة البعث

“باريوتا” أحلام لروائية المدينة

ثمة تقاطعات بين فناني مجموعة باريوتا توحي بإشراقات جديدة جسّدتها المرأة بصور شتى ورؤى مختلفة مع دلالات المدينة، ونافذة ضوء لعالم أجمل، في المعرض الثالث للمجموعة المتبنية لشعار “بالفن نوجد واقعاً أجمل” الذي أقيم في صالة السيد بمشاركة عشرة فنانين: ثلاثة نحاتين وسبعة مصورين، غلب الأسلوب التعبيري القريب من المتلقي على أعمالهم.

رواية نهر الفرات 

بدت مشاركة جمعة نزهان أشبه برواية وثّق فيها معالم منطقته دير الزور بتوسط نهر الفرات المتغير بألوانه، لاسيما في وسطه العميق، وحدد على جانبيه فصول الرواية، مركزاً على الشخوص والأمكنة بمنمنمات الهياكل حتى للنباتات والأشجار، فامتد خطه الدقيق الرمادي مجسّداً الكنائس والمآذن والبيوت والنوافذ والأبواب والأشخاص، رابطاً بينها بحكايات تنسجها تدرجات الأبيض والأزرق، أما في لوحته الثانية فيتعمق بخصوصية المكان أكثر برسمه حي الحويقة بكل تفاصيله بالقوارب التي يتنقل بها السكان، وامتد إلى بساتين الرمان، وبساتين النخيل، ونوّه في حديثه مع “البعث” إلى أن على الفنان أن يمتلك أسلحة قوية بالعناصر والرموز حتى يتميز، معتمداً على الأقلام الدقيقة التي تتطلب جهداً كبيراً، كما استخدم الإبرة بالتحديد في مواضع من سطح اللوحة، وتابع بأن العمل دقيق جداً أشبه بصياغة الذهب لإيصال الفكرة إلى المتلقي.

أحلام النافذة

أما الفنانة نهى جبارة فأضفت إلى قتامة الخلفية إشراقات مضيئة تحملها ومضات الأصفر والأزرق ومشتقات البنفسجي من خلال الشبابيك التي تخفي وراءها الكثير من الوجوه والقصص والأسرار، وعقبت عن الهمسات التي نسمعها من الشبابيك والأشخاص الذين بقوا بالذاكرة، وما تحمله لنا من إضاءة، وتكتمل اللوحة من خلال الأنثى الحالمة التي تقف بجانب النافذة، أما لوحتها الثانية فحملت الكثير من الإشراقات حينما فتحت الأنثى النافذة.

وتستخدم جبارة كل ما يخدم اللوحة لإظهار الفكرة معتمدة على الكثافة اللونية، ولا تحب التأطير بمدرسة معينة، ترسم بالأسلوب الذي يوحي بأفكارها، وإن بدت للمتلقي أقرب إلى التعبيرية.

البعد الزمني

رسالة لم تقرأ عنوان اللوحة التي رسمها نعمت بدوي التي وجهتها ابنته الطالبة وهي تسند رأسها على مجموعة من الكتب، وترمز إلى الأعباء التي يعاني منها الطلاب، في حين كانت اللوحة الثانية أكثر تفاؤلاً، التقنية كانت الملفتة، لاسيما بالخطوط الدقيقة للتشققات التي بدت على سطح اللوحة، فيضيف: كوني مرمماً للأيقونات واللوحات القديمة التي عمرها أكثر من ثلاثمئة سنة، اكتسبت خبرة باكتشاف المشكلات التي تتعرّض لها اللوحة، باستخدام تقنية الجيسو والخشب والشاش والأساس المؤلف من خليط مواد متعددة مع مواد غرائية بألوان زيتية، ما يوحي بأن اللوحة معرّضة لزمن مضاعف، أما التشققات فتدل على الزمن والقدم، وتساعدني بتشكيل العمل الفني من خلال الشقوق التي تمنح اللون درجات مختلفة من سطح إلى آخر.

التحوير والحرف العربي 

الغرافيك غسان عكل يشتغل بطريقة الحفار كما ذكر بأسلوب تعبيري بتحوير الملامح والهياكل والتحديد باللون الأسود، ويتابع بأنه يجمع بين الأشخاص والحرف العربي غير المقروء كشكل وعنصر يضاف إلى عناصر اللوحة، كما أدخل عنصر النباتات في المرحلة الأخيرة كتأسيس لمشروع جديد، ويستخدم ألواناً خاصة به يصنعها بنفسه من مجموعة أحبار وألوان طغت عليها الألوان الحارة، خاصة الأحمر.

مساعدة المرأة للمرأة

النحاتة شادية دعبول شاركت بثلاث منحوتات من خليط برونز مع معدن ومواد أخرى، وركزت في عملها الدقيق على التفاصيل الدقيقة للجسد الأنثوي، ورمزت من خلاله إلى الولادة والخلاص من الواقع الصعب الذي نعيشه بعد الحرب بمساعدة المرأة للمرأة، والعمل الثاني يحكي عن الحالة التي نعيشها، ورغم البعد بين الأشخاص يوجد تواصل روحي بينهم، معتمدة على توازن الكتلة والفراغ.

لغة وسيطة

يخاطب فارنكيس بارسوميان المتلقي بلغة وسيطة ومفهومة وقريبة مبتعداً عن المخاطبة بلغة فلسفية تجريدية كما ذكر، مستخدماً خامة الحجر الاصطناعي الداخل بتركيبها اسمنت وحجر ورمل بتنفيذ منحوتة صغيرة عن الأم وابنها الرضيع، مركّزاً على ملامح الوجه، أما منحوتته الثانية فتكوّنت من البرونز على الحجر لطفل صغير يلعب مع الأرنب.

فانتازيا راقصة

استوحى بشير بدوي لوحته من فن الرقص وحركة راقصة لشاب وفتاة مستخدماً شفافية اللون الأزرق، فيها تعبير عن حالة إنسانية، ورؤى حزينة بشيء ما ورومانتيكة، هي فانتازيا تتسم باللعب على الظل والضوء.

ودمجت هوري سلوكجيان بين زمنين: المعاصر والتاريخ بتجسيد امرأة من الزمن المعاصر مع آلهة عشتار بلعبة الدمج والربط بين المراحل التي عاشتها المرأة عبر التاريخ، مركّزة على الألوان الشفافة، لاسيما البنفسجية، بأسلوب يدمج بين الواقعية والتعبيرية.

ملده شويكاني