اقتصادصحيفة البعث

رفاهية التقاعد في مفهوم التأمين.. قيمة الاشتراك بالتأمين الصحي للمعلمين تثقل كاهلهم

دمشق – ريم ربيع

كل عام، وقبيل عيد المعلم بأيام قليلة، يتلقى المعلمون المتقاعدون “عيديتهم” عبر خيبة جديدة متمثلة بمبالغ الاشتراك بالتأمين الصحي والتي تتضاعف عاماً بعد آخر، حتى سجلت هذا العام 175 ألف ليرة، بما يعادل راتبين للمعلم المتقاعد، يتم تقاضيها دفعة واحدة حصراً وخلال مدة قصيرة (20 يوم تقريباً).

زيادة القسط السنوي للاشتراك بالتأمين الصحي يرفع نسبة المنسحبين منه عاماً تلو الآخر، حيث كان القسط في العام الماضي 90 ألف ليرة تقريباً، مقارنة مع نحو 45 ألف عام 2020، وفيما ترجع نقابة المعلمين – صندوق التقاعد، ومؤسسة التأمين الأسباب لزيادة حجم التغطية والخدمات، يرى المعلمون أن الاستفادة تكاد تكون في الحدود الدنيا في ظل انسحاب الكثير من الأطباء والصيدليات والمخابر من التأمين، وعدم قدرة الوصفات على تغطية تكاليف الأدوية على أقل تقدير.!

تغطية خسارة

مديرة التأمين الصحي في المؤسسة السورية للتأمين عزيزة القلاع أوضحت أن نسبة الاستهلاك كانت مرتفعة في العقد الماضي فيما يتعلق بالأدوية المزمنة كون العقد يشمل المتقاعدين، فاضطرت المؤسسة لرفع القسط لتغطية خسارة العقد السابق، مع إضافة تغطيات وميزات جديدة، بحيث تنعكس التغطيات غير المستهلكة على استهلاك الأدوية المزمنة.

وأوضحت القلاع أن المطالبات للعمليات الجراحية والمخابر والأشعة كانت بسيطة جداً مقارنةً بالأدوية، حيث بلغ عدد المطالبات للمشافي 2802 طلب بنسبة 21%، و75 طلب مراكز طبية بنسبة 0.4%، والمخابر 6382 طلب بنسبة 8%، وزيارة الطبيب 15.265 بنسبة 4%، مقابل 77.579 طلب للوصفات بنسبة 66%.

زيادة لقيمة التغطيات

وفقاً للعقد الجديد فقد تم الاتفاق على اشتراك بقيمة 175 ألف ليرة سنويا للمشترك المتقاعد، حيث رفعت قيمة الاستشفاء من 650 ألف ليرة إلى 2 مليون ليرة، وزادت قيمة البدائل الصناعية من 100 ألف ليرة لتصبح 800 ألف ليرة، فيما انخفضت نسبة تحمل الوصفة الدائمة بحيث يدفع المشترك 25% بدلاً من 35%، أما الفحوصات الخارجية والأدوية والتحاليل فأصبحت التغطية 225 ألف ليرة بدلاً من 200 ألف ليرة.

وحسب التغطيات الجديدة، يتحمل المشترك 10% من الفحوصات الخارجية المحددة بـ8 زيارات سنوياً، و20% من خطة الأدوية (8 وصفات سنوياً)، 25% من أدوية الأمراض المزمنة (12 وصفة سنوياً)، ويتم تغطية كامل مراجعات الأطباء المحددة بـ8 زيارات سنوياً.

تراجع

ورأت القلاع أن عدد المشتركين من الممكن أن يتراجع هذا العام، كون أكثر المعلمين من ذوي دخل محدود، أما موضوع التقسيط فيتم تحديده من قبل النقابة، موضحة أنه ولو كان هناك وجود توازن في الأعمار في العقد لكانت اعتدلت النسبة، لكن معظم المتقاعدين المشتركين يحتاجون الخدمات المتاحة.

وبيّنت القلاع أنه ممكن للمشتركين تقديم الشكاوى حول مزودي الخدمة عبر البوابة الإلكترونية، لتدرسها لجنة سوء الاستخدام، حيث تعرّض نحو 20 طبيب و10 مخابر لتنبيه أو فصل منذ بداية العام.

أحسن من العمى.!

بدورهم يرى المتقاعدون أنهم يأخذون من “الجمل أدنه” حسب تعبيرهم، حيث يحصل المعلم على 3 وصفات بأفضل الأحوال سنوياً، ولا تكاد تغطي وصفات الأدوية سعر نوع واحد منها فقط، ومعظم الأطباء يتقاضون كشف معاينة مع البطاقة، فيما يحتسب بعضهم الزيارة الواحدة اثنتين إن استخدم أجهزة في الفحص.

رغم ذلك، “ولأن الرمد أحسن من العمى”، يطالب المعلمون المتقاعدون بتقسيم المبلغ لأقساط شهرية حتى يتمكنوا من الاشتراك ولو بأدنى حد من الفائدة المحققة لهم، فالإلزام بالمبلغ دفعة واحدة أخرج فئة لا يستهان بها من المشتركين العام الماضي، وهي مرشحة للزيادة هذا العام حسب بعض التقديرات، فمن أصل 116 ألف متقاعد، كان عدد المشتركين في العقد الماضي 10 آلاف فقط.

لا تجاوب

رئيس مكتب شؤون الأعضاء والخدمات في نقابة المعلمين سليم السلمان أشار إلى محاولة النقابة تقسيط قيمة الاشتراك للمتقاعدين وحسم مبلغ شهري منهم، إلا أنه تبين أن قسم من المعلمين تابعين للتأمينات الاجتماعية وقسم آخر للتأمين والمعاشات، ولم تلقَ النقابة تجاوباً من التأمين والمعاشات حول اقتطاع جزء من الراتب لعدم الإمكانية، لذلك يتم تقاضيه الآن دفعة واحدة، وحول مدة الاشتراك المحددة بـ20 يوم تقريباً، بيّن سلمان أن الفترة جاءت قصيرة ليستفيد المعلم من الخدمات مع بداية العقد في 1/4، ومع ذلك فهي قابلة للتمديد إن لزم.

خسارة بنسبة 212%

واعتبر سلمان أنه من حق المعلم أن يشعر بأن القسط أكبر من قدرته المالية، لكن هذا العام شهد ارتفاعاً في الأسعار بما يتعلق بالأدوية والمشافي ودور الأشعة، كما أن عدد المشتركين في العقد الماضي كان 10 آلاف مشترك، وقيمة العقد التأميني 780 مليون ليرة، ونظراً لكون غالبية المشتركين من أصحاب الأمراض المزمنة، فقد فاقت نسبة الاستفادة 95%، حيث تجاوزت قيمة الأدوية المزمنة المصروفة بالعقد المليار ليرة، أي زادت عن كامل قيمة العقد، فكانت نسبة خسارة المؤسسة حتى بداية العام 212%.

وعلى عكس القلاع توقع سلمان أن يسجل هذا العام زيادة في عدد المشتركين، فالإقبال جيد حتى الآن حسب تعبيره، لافتاً إلى تراجع الشكاوى الواردة على مزودي الخدمة بعد رفع الأقساط.