الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

عيد حزين

سلوى عباس

يحضر عيد المعلم يتيماً هذا العام أرّقه حزن غيابك عصام الغالي، فهو وعيد ميلادك العيدان الوحيدان اللذان يخصانك لوحدك.. اليوم سيحتفل طلابك بهذا العيد وحزنهم عليك يقض قلوبهم، سيرتلون الصلاة على روحك مفتقدين لتعليماتك وإرشاداتك لهم عن أهمية الدراسة كوسيلة للمستقبل الجميل الذي ينتظرهم، فأنت كنت مربياً لهم بالتوازي مع الدروس المخصصة في المنهاج.. كنت تزين أرواحهم بالحب، وتولع فيهم جذوة الاجتهاد، ومع  كل لقاء معهم تفسح في قلوبهم حيزاً لانبثاق حلم، كنت بالنسبة لهم كغمامة من بهاء الحياة مدرك لحجم رسالتك التربوية والتعليمية التي ترجمتها عبر تعاملك مع الأطفال بكل أمانة لسنوات طويلة حتى أصبح علاقتكم كأب وأولاده، فمنذ أيام وقعت في يدي رسالة أرسلتها لك إحدى طالباتك بهذه المناسبة تعبر فيها عن محبتها لك وتعلقها بك ابتدأتها بعبارة: “المحبة أغنية من نور غنتها الملائكة وأنشدتها الطيور” وأضافت حرفياً بما أسعفتها براءة روحها وطفولتها من كلام تعثرت فيها بعض المعاني فكتبت: “إلى ضمير ساطع وسط السماء.. إلى زهرة معطرة  بأشهى الروائح.. إلى معلمي الغالي.. إلى أستاذي الحبيب والمعلم القدير “عصام عباس” أقولها من قلبي: “كل عام وأنت بألف ألف خير” واستشهدت بكلام للرئيس الراحل حافظ الأسد في تهنئة للمعلمين في عيدهم: “المعلمون بناة حقيقيون، وهم بناة للأجيال”، وأنت يامعلمي الغالي زرعت الأمل في قلبي وأضأت طريقي بكلامك وزرعت الطمأنينة في نفسي.. معلمي مهما وصفتك لايكفي، فنورك أشعل في طلابك الأمل فأخذوا يتنافسون حتى يصبحوا من الأوائل والمتفوقين في المدرسة، فأنت وجه خير على مدرستنا وصفنا، ومن محبتك أخذ الظلام ينجلي عن مدرستنا وعن وجوه الطلاب.. معلمي الحبيب.. يالؤلؤة في قلوب طلابك.. يامصباحاً أضاء طريقهم.. معلمي القدير أقدم لك ثلاث زهرات مملوءة بروائح الفل والياسمين: الأولى من قلبي الذي اشتاق إليك.. والثانية من روحي التي تدعو لك.. والثالثة من ربي لكي يحفظك ويرعاك.. فاليوم عيد المعلم العربي.. عيد معلمي الغالي والقدير.. فكل عام وأنت بألف خير.. الله يحميك ويحفظك برعايته يارب العالمين الأستاذ الغالي عصام عباس، فكما قال الشاعر أحمد شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا/ كاد المعلم أن يكون رسولا”. ووقعت رسالة باسمها “طالبتك رهف محمد نزهة”.

هذه كانت رسالة طالبتك التي لاأعرف لأي عام يعود تاريخها ولا في أي مرحلة دراسية أصبحت الآن  هذه الطالبة الطفلة التي تعلمت منك هي وكل الطالبات زميلاتها معنى القيم والمثل التي كنت تلقنهم إياها مع الدروس، رغم أنه كانت لهم مشاغباتهم التي لم تتجاوز حدود براءتهم، واستمر مشوارهم معك ينتهزون أي فرصة ليلتقوا معك ويعيشوا فرحهم بحياة أنت من غرس في وجدانهم قيمها ومفاهيمها، وكانت كلماتك رفيقة أحلامهم، ينظرون للغد بعين التفاؤل والرضى، وكأنهم قبضوا على الحياة كلها دفعة واحدة، فأنت وكثير من المعلمين حملتم على عاتقكم تأدية رسالتكم الوطنية والتربوية والتعليمية لإعداد جيل يليق بسورية، فكان نبلكم منارة لكل من ضلت بهم الحياة، وأثبتوا أن أصحاب القلوب النبيلة كالياسمين رسالتهم نبلهم وعبقهم الذي ينثرونه على أرواح طلاب يعدوهم للمستقبل الواعد.

“عصامو” الروح.. في هذا اليوم يستحضرك طلابك وزملاؤك في المدرسة في ذاكرتهم نموذجاً للعطاء والتفاني الذي نفتقده لدى الكثير من كادرنا التدريسي، ليبقى ذكرك تجسيداً للمحبة التي تحدث عنها جبران خليل جبران: “إذا أنت أحببت لا تقل الله في قلبي، لكن قل أنا في قلبي الله”، وأنت كان حب الله يملأ قلبك، فالسلام لروحك في مستقرها السرمدي الآمن.. اشتقتلك كتير ياقلبي.