ثقافةصحيفة البعث

كورال الحجرة وبانوراما عالمية وعربية

“يقود الشاب الأسمر حبيبته الجميلة ذات العينين الزرقاوين إلى الرقص”، إحدى الأغنيات الغجرية من مصنف رقم 103 للمؤلف يوهانس برامز، المؤلف من إحدى عشرة أغنية، والتي غنّاها كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان على مسرح الدراما في الأوبرا، باحت عن العلاقة العاطفية المرتبطة بالطبيعة من خلال مفردات شاعرية امتزجت بالقمر والغيوم والزورق، وحاكت النغمات الموسيقية لألحان البيانو التي عزفها فادي جبيلي في المقدمة والفواصل والمرافقة مع الكورال للمغنين والمغنيات وفق تقنية تعدّد الأصوات (سوبرانو- آلتو- تينور- باص) بالأسلوب المتطور البوليفوني بالاعتماد على الانتقالات الصوتية والتدرجات. وزادت الخلفية السينمائية للرسومات المستوحاة من معاني الأغنيات التي تُرجمت إلى اللغة العربية من تأثير الغناء والموسيقا، فاندمج جمهور الأوبرا في معانيها.

وقد اعتمد المايسترو باغبودريان على تقنيات الصوت البشري بغناء جزء من الكورال في مواضع أو بالتناوب بين المغنين والمغنيات، أو بالحوارية الغنائية، إضافة إلى مقاطع للغناء الإفرادي تخلّلت بعض الأغنيات، فتتابعت من “اسمعي الريح وهي تشكو للأغصان حزنها بنعومة” إلى الأغنية الأخيرة بالمصنف “سحب مسائية حمراء تسري عبْر السماء، مملوءة بالشوق إليك” والتي سُبقت بمقدمة حيوية براقة لنغمات البيانو.

فواصل البيانو

وبعد أغنيات برامز من ألمانيا مضت الأمسية برومانسية أكثر رقة وشفافية إلى أجواء إيطاليا الساحرة وحكايات البندقية بأغنية “بحارة الجندول” للمؤلف جواكينو روسيني، فتناغمت نغمات البيانو الرقيقة مع نمط الغناء الهادئ:

“نبحر بأشرعة رشيقة والسماء جميلة براقة

والقمر بلا خمار

بلا عاصفة البحار”

وأضفت فواصل البيانو الحيوية جمالية رومانسية بين المقاطع، ليعود التناوب بين أصوات الكورال، ومن ثم الغناء الجماعي:

“لا يهمنا إن كانت الشمس ساطعة أم لا

أو إن ظهر القمر حزيناً

هنا هنا في الخليج

بحار الجندول هو الملك”

وكان للبيانو دور بتكرار الحركة الموسيقية القوية بالقفلة.

بانوراما عربية

المنعطف بالأمسية كان بالانتقال إلى الغناء التراثي العربي والسوري ببانوراما تميّزت بالانتقالات اللحنية والصوتية والغناء بتقنية تعدّد الأصوات، بمشاركة الأكورديون–وسام الشاعر- والإيقاع- مازن حمزة- والكونترباص- ليلى صالح، إضافة إلى البيانو، فبدأت بـ”ياغزالاً قد جفاني” فامتزجت الألحان مع الإيقاع الذي تسارع في “حالي حالي حال” وغيرها، وصولاً إلى “عالمايا عالمايا” والمقدمة مع البيانو وتعدّد الأصوات مع ثنائية الأكورديون والبيانو، إلى “فوق النخل”، إلى “البلبل ناغى” التي تميّزت بتجزيء الكورال والآهات والامتدادات الصوتية، وشغلت “الحلوة دي قامت تعجن بالصبحية” حيزاً من الوصلة ترافقت مع التصاعد الإيقاعي والآهات، والتغييرات الصوتية “يا اسطة عطية”، لكن الأغنية الأجمل التي أثرت بالجمهور بشكل كبير هي “يارايح” التي تميّزت بلحنها الإيقاعي الراقص، فأبدع وسام الشاعر بصولو الأكورديون وكان له دور رائع مع الإيقاع، وامتد إلى الفواصل، إذ أفرد المايسترو باغبودريان مساحة للموسيقا الآلية للآلات المشاركة.

موسيقا الصوت

ومن الأغنيات العربية إلى الأرجنتين وآستور بيازولا بعزف مقطوعتين، قدّمتا بشكل غناء، إذ قام الكورال بدور الأوركسترا بنغمات الصوت، الأولى “وداعاً جدي (أبي)” اتخذ فيها الأكورديون اللحن الأساسي مع الإيقاع وتعدّد الأصوات بالأسلوب البوليفوني واختلاف التدرجات الصوتية بين المغنيات والمغنين، تلتها المقطوعة الأجمل “ليبرتانغو” التي بدأتها سناء بركات بآهات الفوكاليز مع مؤثرات إيقاعية، ثم تسارع الإيقاع اللحني للتانغو مع الإيقاع والأكورديون والبيانو، تخللها فاصل للأكورديون.

تفاعل باغبودريان مع الكورال والموسيقا شدّ الجمهور إلى تقنيات غناء الكورال.

ملده شويكاني