اقتصادصحيفة البعث

تفادياً لاتخاذ قرار أكثر صعوبة..!.

حسن النابلسي

أغلب الظن أن القاصي والداني يدرك أن وضع قطاع الثروة الحيوانية والدواجن بات في دائرة الخطر.. ولم يعد يخفى لا على مستوى الحكومة، ولا على مستوى الشارع، أن القضية متعلقة بالأعلاف سواء لجهة نقص المادة أم لجهة ارتفاع أسعارها، ولعل خير دليل على إيضاح خطورة هذا الوضع تلك الأنباء الواردة من محافظات عدة عن نفوق أعداداً لا بأس بها من القطعان نتيجة سوء التغذية، فضلاً عن انسحاب ما نسبته 70% من مربي الدواجن من هذا القطاع بسبب ارتفاع مستلزمات الإنتاج، مقابل انخفاض القدرة الشرائية للمستهلك..!.

لم تفلح استجداءات المربين لإنقاذ ثروتنا الحيوانية المهددة حقيقةً بالانقراض، علماً أن تكلفة فاتورة إنقاذها حالياً مهما بلغت قيمتها – ونقصد هنا دعم المربين بمادة الأعلاف من حساب الدولة – هي أقل بكثير من قيمة فاتورة استيراد اللحوم ومشتقات الألبان في مرحلة لاحقة.. ولنا في تجربة توطين القمح خلال فترة الثمانينيات مثل يحتذى به، إذ كانت تكلفة استيراده أقل من تكلفة إنتاجه محلياً، مع ذلك جاء القرار الصائب وقتها بترسيخ إنتاجه محلياً، حتى وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي منه والاستغناء التام عن استيراده خلال سنوات ما قبل الأزمة..!

المؤسف حقاً.. استمرار المؤسسة العامة للأعلاف برفع سعر الأعلاف، تحت مبررات لا ننكر موضوعيتها، وتحديداً لجهة ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، لكن في المقابل لا نجد ضيراً كبيراً في حال تم تخصيص دعم مجزي لقطاع الثروة الحيوانية من الموازنة العامة للدولة، على الأقل حتى نخرج من ضائقة أزمة العشر سنوات محلياً، وأزمة أوكرانيا – إن صح التعبير – عالمياً..!.

إن الحكومة، وفريقها الاقتصادي المتمثل باللجنة الاقتصادية تحديداً، على محك اتخاذ قرار استثنائي وجريء في هذا الخصوص، خشية أن نخسر قطاعاً حيوياً طالما شكّل ورقة رابحة من أوراق الأمن الغذائي. ومهما كان القرار صعباً، نعتقد أنه أخف وطأة من اضطرار الحكومة لاتخاذ قرار لاحق قد يكون أصعب بكثير – وربما لا يطول أمده – يقضي باستيراد اللحوم بنوعيها “الحمراء والبيضاء” ومشتقات الألبان والأجبان..!.

hasanla@yahoo.com