اقتصادصحيفة البعث

يُخشى من القادم.. إلا إذا..!.

حسن النابلسي

فاق الارتفاع غير المسبوق للأسعار كل التوقعات، فأكثر المتشائمين لم يتوقع يوماً أن يصل سعر كغ البندورة – على سبيل المثال – إلى 4500 ليرة، وكغ البرغل إلى 7000 ليرة، علماً أن هاتين السلعتين وغيرهما الكثير هي منتجات محلية..!.

بعيداً عن كيل الاتهامات للتجار.. نعتقد أن الموضوع هذه المرة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحوامل الطاقة التي عجزت الحكومة عن تأمينها كمستلزمات أساسية للزراعة ووسائط النقل في آن معاً.. ففي الوقت الذي تغرد فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتسعيرتها الدفترية وليس الواقعية، محددة إياها بـ 800 ألف ليرة لأطول مسافة نقل في عموم القطر، نجد أن الواقع الميداني يدحض مثل هذه التصورات، إذ تصل أجور النقل من طرطوس إلى دمشق – مثلاً – إلى حوالي 1.5 مليون ليرة بحده الأدنى، وذلك نظراً لارتفاع سعر ليتر المازوت إلى أكثر من 7000 ليرة في السوق السوداء، والتي عجزت الحكومة بأذرعها التنفيذية عن تأمينه بالسعر المدعوم نسبياً لوسائط النقل، بالتوازي مع عجزها عن تأمينه أيضاً للفلاح، وبالتالي عجزها كذلك عن وضع حد لانسيابه إلى السوق السوداء..!

إذاً.. التقصير الحكومي هو سبب رئيسي لارتفاع أسعار المنتجات الزراعية المحلية تحديداً.. والأدهى أن حرمان الأسر السورية من مازوت التدفئة لم ينعكس على توفيره في القطاع الزراعي..!

لاشك أن ثمة تواطؤ من قبل عديد الحلقات الحكومية مع تجار السوق السوداء، تتحمل مسؤوليته الحكومة، ما عزز بالنتيجة موقف هؤلاء التجار، أو بالأحرى المتاجرين بقوت العباد والبلاد، إضافة إلى تضخيم ثروات تجار سوق الهال الذين لم يتوانوا عن مزيد من رفع أسعار الخضار والفواكه تحت مبرر “ارتفاع أجور النقل” والذي لا يمكن إنكاره أبداً.. ليحرج الفلاح كخاسر أكبر من الإنتاج، والمستهلك كحامل أكبر لعبء التكاليف..!

أخيراً، وفي ظل ما يتداوله بعض خبراء الاقتصاد المحليين لجهة عدم ظهور الآثار الحقيقية للأزمة الأوكرانية في سورية بعد، وإلى جانب تحذيرات منظمة “الفاو” من أزمة مجاعة عالمية.. يُخشى أن يكون القادم أسوأ إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات استثنائية لمعالجة تشوهات الأسواق وقمع ارتكاباتها.. فالوضع المعيشي الآن على غاية من الصعوبة، فكيف سيكون الحال فيما لو تفاقم الوضع!.

hasanla@yahoo.com