صحيفة البعثمحليات

“أمبيرات” حلب والحلقة المفقودة

معن الغادري

يتقدم ملف ما يسمى “الأمبيرات” في حلب صدارة الأزمات اليومية والمعيشية، بالنظر إلى ما أحدثه هذا الاختراع – الذي بات أمراً واقعاً ومشرّعاً – من هوة عميقة بين الحاجة الماسة لتعويض فاقد الشبكة الكهربائية وبين قدرة المواطن على تحمّل فاتورة الأمبير الاسبوعية والتي تجاوزت مؤخراً مبلغ 20 ألفاً للأمبير الواحد. وفي حسبة بسيطة، فإن رب الأسرة – الموظف الذي يتقاضى راتباً شهرياً بزيادة بسيطة عن 100 ألف ليرة – مجبر أن يدفع مقابل حصوله على أمبير واحد أسبوعياً لمدة 5 ساعات متقطعة يومياً – وحسب مزاجية صاحب المولدة – حوالي 80 ألفاً أي ثلثي راتبه الشهري.
هذا الواقع المرير والمؤلم إن صح توصيفه يبدو أنه ليس في سلم أولويات واهتمام الجهات المعنية في حلب، إذ لم تنجح حتى اللحظة بتنظيم وضبط هذا الملف الشائك ووضع حد لهذا التمادي غير المقبول من قبل مشغلي الأمبيرات، بل على العكس ذهبت كل القرارات التي صدرت عن مجلس المحافظة بتحديد سعر الأمبير وعدد ساعات التشغيل أدراج الرياح، و”كأنك يا أبا زيد ما غزيت”.
اللافت، ومع مرور أكثر من 10 سنوات على هذه المشكلة – والتي قيل حينها أنها إجراء وحل مؤقت – أن الجهات المعنية في المحافظة لم تستطع تكوين رؤية واضحة وشفافة لتنظيم هذا الملف، والواضح والثابت – وفق ما هو متاح من معطيات وأرقام – وجود أكثر من حلقة مفقودة في هذا الملف المأزوم، ما يدلل على وجود فساد كبير، خاصة إذا علمنا أن هناك الكثيرين (.. ..) من المنتفعين والمستفيدين من هذه الخدمة بطريقة أو بأخرى، والبعض منهم يملك أكثر من مولدة في أحياء متفرقة من المدينة، ما يستدعي التحقق والتدقيق في هذه المسألة، ومن ثم التعاطي مع هذا الملف بواقعية ودراسته بصورة مستفيضة، واتخاذ القرارات المناسبة لتصحيح مساره المتعرج، وبما ينصف المواطن أولاً وليس آخراً.
وبعيداً عن تأكيدات “حماية المستهلك” بمتابعة هذا الملف وتسطير أكثر من 650 ضبطاً تموينياً بحق أصحاب المولدات منذ بداية العام وحتى الآن لمخالفتهم القرارات الصادرة لجهة تقاضي أجوراً زائدة وعدم الاعلان الصريح عن سعر الأمبير الواحد وعدد ساعات التشغيل، نضع هذا الملف مجدداً بكل تشعباته وخلفياته في عهدة محافظ حلب والذي شدد غير مرة في اجتماعاته مع اللجان المشكلة على متابعة تنفيذ القرارات، وفرض العقوبات المنصوص عنها في المرسوم رقم 8، فهل نشهد استجابة سريعة من مجلس المحافظة واللجان المنبثقة عنه لوقف تمادي وجشع وابتزاز أصحاب المولدات؟

أم أن كلمة أصحاب الأمبيرات ستبقى هي الأعلى والأقوى؟ والخاسر الوحيد هو المواطن الذي يطالب، بإلحاح شديد، تخفيض برنامج التقنين وزيادة ساعات التغذية الكهربائية تمهيداً لإلغاء هذه الخدمة التي استنفدت كل القدرة على التحمل.