مجلة البعث الأسبوعية

بمواجهة شتاء قاس .. نحل طرطوس “يئن” ونحالوه يشتكون فوضى العمل، وغلاء مستلزمات الإنتاج، وضعف التنسيق

البعث الأسبوعية – محمد محمود

لم يشفع العمل الدؤوب والجهود المستمرة التي قدمها أكثر من ألفي نحال على امتداد محافظة طرطوس آملا بعبور آمن للشتاء، وسلامة طوائف النحل التي امتهنوا تربيتها، فمعظمهم لم ينج من أضرار بالغة أصابت مناحلهم في مواجهة شتاء قاس، وعوامل مناخية متغيرة، وصعوبات جمى تواجه عملهم، فالحديث عن تربية النحل يعني التعامل مع حشرات فائقة التنظيم، وشديدة الحساسية، لكن المقابل للأسف فوضى في التربية، وغياب للقوانين، وضعف في الإمكانيات، وسوء في التنسيق، وهو ما تؤكده معلومات متقاطعة حصلنا عليها من مديرية الزراعة، وجمعية النحالين، ومربي النحل في المحافظة، رغم ما تبشر به الأرقام التي تتصدر عناوين منصات التواصل الاجتماعي عن كميات العسل المنتجة كل عام، والتي وصلت ل ٤٠٠ طن سنويا في المحافظة.

 

شغف وهواية

ويبدو موضوع تربية النحل بالبحث عن أساليبه وأسراره مع النحالين متشعب جدا يبدأ بالشغف والهواية ولا ينتهي بالخبرة والمشاكل العديدة المتعلقة بهذه المهنة، فالبحث مستمر عن مهارات مختلفة للتربية والتعامل مع طوائف متنوعة من النحل حيث يتحدث نزار غانم أحد مربي النحل عن بداياته في مجال التربية وشغفه المستمر بتلك الحشرة المنظمة، بالقول: كانت البداية بعدة خلايا لكن اليوم لدي حوالي ٩٠ خلية أقوم بتفقدها ومراقبتها بشكل يومي لمتابعة أي مرض يصيبها إذ يمكن معرفة ذلك من خلال حركة النحل في الخلية بشكل عام فالنحل ينشط ولو لفترة بسيطة في فصل الشتاء إن كان سليماً، كما أقوم بنقلها لأماكن تواجد الزهر في مناطق مختلفة ومحافظات قريبة بحمص وحماة.

 

صعوبات بالغة

لكن غانم يتحدث عن صعوبات بالغة تواجه المربين في تصريف منتجاتهم، في ظل وجود كميات كبيرة من العسل المغشوش تنقص من سعر المنتج الاصلي، الذي يباع اليوم بسعر يتراوح بين ٢٥ و٣٥ ألف ليرة ثمنا للكيلو الواحد، إضافة لصعوبة تأمين مستلزمات الإنتاج، وغلائها، ووجود أصناف رديئة من الكاندي الذي يتغذى عليه النحل في الشتاء، ويضيف تسببت تلك الأصناف الرديئة الموجودة في الأسواق بموت أعداد كبيرة من طوائف النحل، فمن يتحمل مسؤولية سلامة المنتجات ومتابعتها لحماية النحالين ، ويشير ذلك المربي أنه يحاول ما أمكن تصنيع الكثير من المستلزمات، كالغذايات، والمدخن، والمشرب والكاندي، فالنحال الجيد هو من يقوم بتصنيع مستلزماته بيديه.

ويبدو حال هذا النحال حال نحالين كثر تحدثوا عن أمراض مختلفة أصابت الطوائف هذا العام، وعن مشاكل مماثلة تتعلق بغلاء مستلزمات الإنتاج، والكاندي “المغسوش” وصعوبة تصريف منتجاتهم في ظل توقف التصدير.

 

ضمن حدود المقبول

ومع حديث متكرر عن هجرة جماعية للنحل، وأمراض مختلفة أصابت النحالين هذا العام يؤكد المهندس حسن حمادي رئيس دائرة الوقاية في مديرية زراعة طرطوس أنه ومن خلال التواصل ومع دوائر الزراعة التابعة للمديرية في محافظة طرطوس لم يتم تسجيل أي حالة لهجرة الخلايا لكن تم تسجيل تأثر الطوائف بالعوامل الجوية بالإضافة لحالات إصابة بأمراض النوزيميا والفاروا، مما أضعف الخلايا في بعض مناطق التربية وهذا الفاقد ضمن الحدود الطبعية.

وبين حمادي أن المديرية تقوم بإرشاد المربين باستمرار عبر الوحدات الإرشادية الموجودة في القرى إلى الطرق السليمة للتربية والتعامل مع النحل، كما تنتشر لدينا مراكز مختلفة للتربية، وهي مركز نحل (عمريت، طرطوس، كفرفو) حيث تقوم هذه المراكز بتربية خلايا الطوائف الأم للنحل بهدف إنتاج الطرود بشكل مستمر، فيباع قسم منها للمربين في حين يرسل قسم آخر لتعويض الفاقد في المحافظات التي تعرضت للإرهاب أو الظروف تلمناخية السيئة، كما تنتج المراكز كميات من العسل يتم استخدامها في التغذية الشتوية للنحل وبعض الكميات يتم توزيعها بأسعار رمزية للعاملين

 

قانون ناظم

وتبدو صعوبات العمل جمى في ظل غياب قانون واضح ينظم مهنة العمل بالنحل حيث تؤكد المديرية عملها منذ مدة بالتعاون مع الوزارة على إعداد مسودة لقانون ينظم مهنة النحل، فالعمل بالمهنة كما تبين لنا يتم دون ضوابط أو تنسيق بين الجهات المعنية، مقابل مشاكل وصعوبات كثيرة تواجه هذه المهنة، وتتلخص هذه الإشكاليات وفقا لزراعة طرطوس بقلة الإمكانيات وعدم القدرة على نقل المناحل وطرود النحل لمحافظات أخرى التي توفر فيها المرعى أو أنواع محددة من الأزهار في ظل صعوبة الظروف الحالية وارتفاع تكاليف الإنتاج من خلايا ومعدات وسكر وتغذية، وارتفاع تكاليف النقل.

ومن المشاكل والصعوبات التي تحدثت مديرية الزراعة عنها عدم تقيد المزارعين برش مبيدات صديقة للنحل وعدم إخطار المربين بمواعيد الرش، وم التنسيق بين المربين للقيام بإجراءات الوقاية من الأمراض المعدية كالفاروا في وقت واحد

 

خدمات متواضعة

من جهته يؤكد رئيس جمعية نحالين طرطوس أمين حسين حقيقة ضعف التواصل والتنسيق بين الجهات المعنية بتربية النحل حيث يقول أن التنسيق ليس بالمستوى المطلوب ولكل ظروفه، ويتحدث من جهته عن خدمات متواضعه تقدمها الجمعية فهي كما كل القطاعات الاخرى في الوطن تواجه متطلبات وظروف عمل صعبة في ظل الهجمه الارهابيه الغادره، ويبين أهم الخدمات التي تقدمها الجمعية وهي منح قروض تعاونيه لمن يرغب من الزملاء النحالين كما يتم منح العضو في الجمعيه بطاقة نحال وبطاقة ترحيل لتسهيل عملية الترحيل، وكذلك شاركت الجمعية في معظم الندوات التي تهتم بتربية النحل حيث شاركت بفاعليه في المؤتمر الذي دعت اليه وزارة الزراعه في العام المنصرم واعدت مذكره مهمه لتطوير واقع التربيه، فالجمعيه تأسست باجتماع مربي النحل في محافظة طرطوس وشكلت هيئه تأسيسيه سلكت طريقها وفق الاجرائات المرعيه ونالت موافقة الاتحاد العام للفلاحين ونالت بذللك صفتها الإعتباريه في تسعينيات القرن الماضي.

 

هجرة موجودة

ويبدو أن تسجيل هجرة النحل في قطاعات العمل الخاصة حالة موجودة في المحافظة، حيث يتحدث رئيس الجمعية عن معاناة قطاع تربية النحل في المحافظه كما هو واقع الحال في بقية المحافظات بل والعالم من ظاهرة هجرة النحل مثلا يتم الكشف على المنحل او بعض الخلايا تكون عامره بالنحل بعد اسبوع نجد في الخليه الملكه مع عدد من الشغالات وبحدود العشره علما يوجد عسل وحبوب لقاح واطارات حضنه عديده وهي ظاهره عالميه غير معروفة السبب،كما يعاني النحل من حشرة الفاروا اي قراد النحل وعدم وجود ادويه فعاله لمقاومته وظهر الان مرض النيوزيما وقد فتك بمناحل عديده في المحافظه وعلاجه من الصعوبه بمكان وترجح اسبابه عدم ترك النحال لكميه من العسل ليتغذى عليها النحل وخاصة في فصل الشتاء ويلجأ للتغذيه السكريه مما يؤدي لحصول تخمر في امعاء النحله فتقضي على البكتيريا المفيده.

 

جهود مطلوبة

ويؤكد رئيس جمعية تلنحالين في المحافظة على مطالبات مستمرة بانشاء غابات تحوي على نياتات واشجار دائمة ومتعاقبة الازهار كالخروب والكينا الحمراء وغيرها وقد لمسنا الاهتمام بذللك حيث تم تشجير الغابات المحترقه بالخروب والكينا في هذا العام، وطالبنا باقامة مراكز تلقيح اصطناعيه لملكات النحل وتحسين سلالة النحل السوري وكذلك تامين الادويه اللازمة لمعالجة امراض النحل وفي المؤتمر الاخير للجمعيه اتخذ قرار بانشاء معرض دائم للنحل ومنتجاته في المحافظه على ان يكون في حديقة الباسل بعد الحصول على الموافقات اللازمه.

ويتحدث رئيس الجمعية عن إجراءا معقدة بالنسبة للقروض التي يحصل النحالون عليها من المصارف الزراعية، فكل نحال يراجع الجمعيه بخصوص القرض يتم تزويدوه بالوثائق اللازمه فورا لكن المستغرب أن المصارف يطلبون وثائق مكرره او ليست لازمه، وللصراحة افضل المصارف المتعاونة بمنح القروض للنحالين في المحافظه هو مصرف بانياس مشكورا

 

معارض دائمة

والملفت أن محافظة طرطوس من أهم المحافظات المنتجة للعسل ورغم ذلك تغيب عنها المعارض المتخصصة، ويقتصر دورها على المشاركة في المعارض المركزية التي كان آخرها مهرجان العسل الثالث في مدينة تشرين الرياضية في دمشق حيث يؤكد رئيس جمعية نحالين طرطوس أن الجمعية بصدد انشاء معرض دائم في حديقة الباسل بعد الحصول على الموافقات اللازمه لذلك، وكذللك تعمل على متابعة التشجير للغابات واضافة الغراس الرحيقيه المتعاقبة الازهار اليها واقامة الندوات لزيادة الخبره للنحالين، واخيرا يؤكد حسين على ضرورة تفعيل صندوق الكوارث وتشميل النحل بهذا الصندوق وضرورة اقامة مركز تلقيح الملكات وتحسين سلالة النحل السوري الموجود لدينا.

 

ضبط وحيد

وبالتواصل مع مديرية تموين طرطوس تم الحديث عن وجود مخبر خاص بالنحل يقدم كافة التحاليل المطلوبة، لكن الملفت أن المديرية تحدثت عن ضبط تمويني واحد فقط خاص ببيع العسل المغشوش منذ بداية العام، وهو أمر مبشر من ناحية لكنه قد يعكس في الوقت نفسه ضعفا في الأداء أمام ما يتم تداوله عن وجود كميات كبيرة من العسل المغشوش، ما يفرض بالضرورة التعجيل بإصدار قانون خاص ينظم مهنه تربية النحل وجمع العسل فالرقابة إن كانت موجودة على مخرجات الإنتاج فهي ضعيفة أو غائبة عن المستلزمات المطلوبة للتربية.

 

ختاما

حين نتحدث عن التعامل مع مخلوق حساس منظم فالمطلوب العمل والتعامل معه بمزيد من التنظيم وتوحيد الجهود المطلوبة لنجاح مشاريع النحل وإنتاج العسل سواء في محافظة طرطوس أو غيرها من المحافظات، فوجود النحل في بيئتنا ذو دور حيوي أكثر من مجرد إنتاج العسل، أو الأدوية الكثيرة التي تعتمد عليه، وربما يكون الإنتاج الزراعي بمجمله في المحافظات السورية مرتبط بوجود هذا المخلوق العجيب فهلاكه يعني مواجهة مشاكل كثيرة في الإنتاج الزراعي وربما يكون الأمر كما قال ألبرت أنشتاين ذات يوم إذا اختفى النحل لن يبقى أمام الإنسان سوى أربع سنوات على سطح هذا الكوكب فهل نعتبر ؟!.