ثقافةصحيفة البعث

“نهاية اللعبة” تختتم احتفالية يوم المسرح

اختتمت احتفالية فناني حمص بيوم المسرح بعرض “نهاية اللعبة”، من إعداد وإخراج وتمثيل جواد عكلا مع أفرام دافيد، عن نص لصموئيل بيكت.

في هذا العرض، اختصر عكلا شخوص المسرحية الأربعة إلى الشخصيتين الرئيسيتين، هام وكلوف، اللتين حملتا عبثية بكيت الوجودية التي طرحت جدوى الوجود وسط هذا الخراب الذي نعيشه. “لا يوجد خارج هذه الجدران إلا الموت”، و”التعاسة هي أكثر لطفاً من هذا العالم”، هذا ما يقوله هام العاجز والضرير لخادمه كلوف ضمن نقاش غير مبني على أسس حكائية معينة، ولا يأخذك إلى مكان معين، بل هو مجرد تراجيديا أقرب إلى المسرح الشعري تعبر عن قلق الإنسان من مصيره ومغزى حياته، فهل نستطيع تأويل هذا العرض إلى واقعنا الراهن الذي بدا أقرب إلى الحالة العبثية، والتراجيديا الكوميدية؟ وأي جدوى وجودنا وسط هذا الدمار المتحول والمتدرج الذي بدأ يتدحرج ككرة ثلج من حرب وقتل وتدمير مادي إلى تدمير معنوي يتجسد في لهاث يومي وراء لقمة العيش؟

ربما لو منح هذا النص، الذي يعتبر الثاني والأكثر نضجاً لبيكت بعد “بانتظار غودو”، حقه من التجسيد والتحليل لجاء أكثر عمقاً وحيوية وجدوى؛ فالإعداد اختزل الكثير من الحوار، والجمل والحركات المكملة للفكرة، كما استغنى جواد عن أي قطع ديكور تمنح المكان ملامح معينة تعين المتلقى على فهم ما يحدث أمامه، حيث اقتصرت السينوغرافيا على سلم يتنقل به كلوف من مكان إلى آخر ضمن أركان الخشبة الأربعة، وكرسي متحرك يجلس عليه هام.

رغم هذا، فقد بذل جواد مجهوداً في اختيار ما يخدم العرض ويجعل رسالته مفهومة بالنسبة إلى المتلقى، إلى حد ما، خاصة وأن الأداء اقترب كثيراً من روح النص لغة وحركات وانفعالات رممت فجوة الاختزال في الحوار؛ وهذا يشي بفهم عميق للنص والمغزى من ورائه، لاسيما اختيار الجمل ذات المضمون الأدبي والدلالي العميق المقبول والمثير جماهيرياً، مثل “أيها العصفور الجميل، اترك قفصك وطر نحو حبيبتي، عشعش في ثيابها، أخبرها كم أنا حزين..”، ولهذه الأغنية مضامين ذات بعد فلسفي عميق فالعصفور حبيساً في القفص لا يملك حرية الخروج إلى الحبيبة، كما الضرير الحبيس خلف نظارة سوداء وأربعة جدران، يمكن أن يخرج، لكن ما الجدوى من الخروج؟

آصف ابراهيم