دراساتصحيفة البعث

خيبة مهندس الحرب الأوكرانية

ترجمة: عائدة أسعد 

لم تقدم وسائل الإعلام الغربية سوى الأخبار المثيرة والملفقة ومشاهد ساحة المعركة دون أي تفسيرات حول الأسباب الحقيقية للحرب الروسية الأوكرانية، فقد صورت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كبطلK وأوكرانيا الضحية الوحيدة للصراع، بينما شيطنت روسيا بوصفها “الغازية الشريرة”. ومن أجل التضليل، استخدمت إذاعة “فرنسا الدولية” صورة لزيلينسكي وهو يزور الحدود الشرقية لأوكرانيا بالزي العسكري، لكن فيما بعد ثبت أن الصورة قد التقطت منذ بضع سنوات.

وبدوره، ادعى الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الهجوم على أوكرانيا كان بالتأكيد هجوماً غير مبرر، ولم يذكر حقيقة أن الناتو هو الذي وعد أوكرانيا بالعضوية، ودفع بخط المواجهة إلى أبواب روسيا، ما يهدد أمنها القومي، فقد قال جون ميرشايمر الأستاذ بجامعة شيكاغو أن كل المشاكل بدأت بالفعل في نيسان 2008، في قمة الناتو في بوخارست، حيث أصدر الناتو بعد ذلك بياناً قال فيه إن أوكرانيا ستصبح مع جورجيا جزءاً من الناتو، والدافع الفوري هو أن زيلينسكي وافق على “كتيبة آزوف”، وهي منظمة عسكرية لاضطهاد المدنيين في منطقة دونباس، وبالتالي أدت هذه الإجراءات بشكل مباشر إلى الأعمال العسكرية لروسيا ضد أوكرانيا.

إن الولايات المتحدة هي المستفيد من هذه الحرب وتشجع حلفائها على إضافة المزيد من الوقود إلى النار من خلال تزويد أوكرانيا بأسلحة مدمرة. وقد أكد بايدن في قمة الناتو في بروكسل في آذار الماضي أنه منذ أن أصبح رئيساً، خصصت الولايات المتحدة أكثر من ملياري دولار من المعدات العسكرية لأوكرانيا، والآن تتدفق أنظمة الدفاع الجوي والأنظمة المضادة للدروع والذخيرة والأسلحة إلى أوكرانيا، وناشد حلفاءه الأوروبيين دعم أوكرانيا في دفاعها.

من الواضح أنها حرب هندستها الولايات المتحدة بهدف تشجيع أوكرانيا على بدء حرب محدودة يمكن إدارتها وقتل ثلاثة طيور بحجر واحد: إجبار رأس المال الأوروبي على العودة إلى سوق الأسهم الأمريكية، وتقوية الولايات المتحدة لقيادة الناتو، وإحراج الصين للوقوف إما إلى جانب روسيا أو أوكرانيا، مع العلم أن اختيار أي من الجانبين سيضر بالمصالح الوطنية للصين والمستفيد الأكبر من الحرب هو الولايات المتحدة حصراً وليس أوروباً والتي يتوجب عليها أن تدفع ثمناً باهظاً مقابل ذلك.

إن طموح الولايات المتحدة لا يتوقف عند هذا الحد، فالصين هي أيضاً هدف لها في الحرب ومن خلال التظاهر بالوقوف على أرضية أخلاقية عالية يمكن للولايات المتحدة أن تحقق ذلك، فالصين صديق وجار تقليدي لروسيا، ولكن لخيبة أمل الولايات المتحدة اختارت الصين الوقوف إلى جانب العدالة والأخلاق وتجنب الفخ الذي نصبته الولايات المتحدة لها.

وكما كان متوقعاً، فشلت العقوبات التي بدأتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الضغط على الاقتصاد الروسي، متجاهلة أن فكرة شل قوة مثل روسيا نهائيا فكرة ساذجة ومجنونة فقد أدت هذه العقوبات إلى نتائج عكسية حيث ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة ارتفاعاً هائلاً، وتعمقت أزمة الدولار.

وعلى هذه الخلفية، يجب على الدول الغربية إظهار اهتمامها الحقيقي بالصراع، ويجب إدراك القلق الأمني ​​الروسي  وتقييم الخسائر المحتملة. وإذا تصاعدت الحرب، وبصفتها المتلاعب بالحرب وراء الأبواب، على الولايات المتحدة التوقف عن التفكير بعقلية الحرب الباردة والتوقف عن الانخراط في أي أنشطة قد تعرقل الاتصالات والمفاوضات المعتادة بين الأطراف المتحاربة، والأهم من ذلك يجب على السياسيين الأمريكيين التفكير في الفوضى التي أحدثوها في جميع أنحاء العالم في العقود الماضية لاسيما الكوارث الإنسانية التي تسببوا بها في العراق وليبيا وسورية.