الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

شعور درامي أمام الجامع الأموي

حلب – غالية خوجة

تمر بذاكرتنا المشاهد كما تمر حكايات الأمكنة، ولا يترسب منها سوى تلك الآثار التي تتحرك كلما اصطدمت بنبضاتنا فلا تهدأ.

ورشات العمل والبناء تتوزع بين قلعة حلب، والجامع الأموي الكبير، والخانات، والمباني الأخرى، بينما تمر ذاكرتي بكل خطوة خطوتها منذ طفولتي إلى ما قبل الحرب الإرهابية على سوريتنا الحبيبة، وكيف كانت هذه الآثار الإنسانية المحلية العالمية بصمة متفردة في تأريخ الحضارات منذ آلاف السنين.

ضمن هذه المشهدية الجوانية، يتحرك في اللقطة شاب يضع بدقة ورقة الحجر على الحجر، وكأنه يتعامل مع حجر كريم ثمين، ما جعلني أسلم عليه وأسأله: هل هذه هي الحجارة القديمة ذاتها لهذا البناء؟

فأجابني مبتسماً: أغلبها، وبعضها جديد.

ولأتعرف إليه وأعرف ما يختلج في نفسه، سألته: ما اسمك؟ وما شعورك وأنت تعيد لهذا البناء حجارته وذاكرته؟

ردّ دون تردد: المعلم حسين جعوير، لا أعرف كيف أصف شعوري، فأنا حزين لأنه مبنى أثري تدمر مع ما تدمر من الآثار، وأنا سعيد لأنني ورفاقي العمال، ومنهم المعلم أحمد ويس، نعيد إليه حجارته، ولأن مدينة حلب القديمة تعود، والناس تعود.

واستأذنتهم بصورة، فضحكوا للكاميرا، وتابعوا عملهم لينجزوا البناء الكائن أمام الجامع الأموي الكبير بحلب، مع العديد من المباني والأسواق التي بدأت تضج بالناس الذين تشعر بأنهم يكتشفونها من جديد.