دراساتصحيفة البعث

قوة التحالف الروسي – الصـــيني

ريا خوري 

لم يكن اللقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والصيني وانغ يي عابراً، بل كان لقاءً مثمراً بكل المعاني، ولم يسّر الحلفاء الأعضاء في “الناتو”، الأوروبيين والأمريكيين، الذين انتظروا وينتظرون منذ أن تفجرت الأزمة الأوكرانية أن تلتحق الصين  بحملة العقوبات القاسية جداً على روسيا الاتحادية، لكن هذا لم يحصل في الوقت الراهن، ولن يحصل في القادم من الأيام بالنظر إلى المواقف الصينية والروسية المنسجمة والمتناغمة حول العالم.

لقد اتسمت الاجتماعات المتتالية بين وزير الخارجية الروسي لافروف والصيني وانغ يي في مدينة تونشي الصينية بالاتفاق على ثوابت العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، بل استكملت التعهدات التي قطعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بيغ، وهو ما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية الاستماتة من أجل ضربه. لهذا نراها تفرض المزيد من العقوبات  والمضايقات على روسيا، وتقوم بتسليح الجيش الأوكراني لإضعاف التحرك الروسي.

في هذا الصراع الساخن، ظهرت الاختلافات الغربية، فقد قال جو بايدن إن ما يجري في  الأراضي الأوكرانية هو جزء لا يتجزأ من معركة كبرى. من جهته، قرأ الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن هذه الحرب ستعمل حتماً على تغيير العالم، أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لا يقطع اتصالاته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يشعر بإحباط كبير ويعيش حالة من الإخفاق والانتكاس، ويخشى من تغيرات جوهرية في عموم أوروبا.

أما على الجهة المقابلة، فهناك أغلبية صامتة من الدول الكبرى والمتوسطة والصغرى التي تراقب ما يجري بصمت، وتتحفز باستمرار لاستثمار أولى نتائج تلك الحرب، فيما تبدو أن روسيا والصين تصممان  بقوة على قيادة الجبهة المناوئة للقوى الغربية، وهي جبهة  على الرغم من سعتها وقوتها ستحمل الكثير من المفاجآت المدوية  والهائلة سواء من ناحية الدول التي ستنضم إليها، أم آليات عملها ومسيرتها  وتسميتها وخطوطها الحمر والممنوعات.

في حقيقة الأمر، إن قيادة  البلدين على أعلى المستويات يؤكدون أن العلاقات بين بلديهما اجتازت  جميع الاختبارات الأصعب، ودخلت مرحلة الإنجاز  العملي والتنفيذ الفعلي، ويتجهان إلى تحالف وثيق في رسم أطر وخطوط جديدة للعلاقات الدولية، أساسها نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ويتسم بأنه عادل وديمقراطي. وبالمقابل، تستنفر دول الغرب الأوروبي – الأمريكي – الأطلسي كل قواها لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية على روسيا لحرمانها من تحقيق النصر في أوكرانيا، ولقطع الطريق أمام تحالفها المتنامي والقوي مع الصين.