اقتصادصحيفة البعث

بين خدمتي “سحب الرواتب” و”نظام المدفوعات”.. وقائع تثير المقارنة؟!

البعث – قسيم دحدل

مفارقات مستهجنة لم تعد مقبولة مطلقاً تضع عملاء المصرف التجاري السوري أمام أسئلة عدة، والحيرة في تفسير ما يحدث، ولماذا يحدث، ولأية غاية؟!

عدد من خدمات المصرف، ورغم ميزة التوزع الجغرافي لفروعه، لا يزال عدد صرافاته قليلاً في المحافظات والمدن، في الوقت الذي من المفترض أن يكون العدد مناسباً ليلبي متطلبات شمولية الخدمة المصرفية، وتسهيلها على المتعاملين معه، وتحديداً ممن قاموا بتوطين رواتبهم فيه، سواء من الموظفين القائمين على رأس عملهم من مدنيين وعسكريين، أو من المتقاعدين، وغيرهم من العاملين في القطاع الخاص وغيره.

أولى تلك الخدمات، التي توصف بالبسيطة، استلام الرواتب التي تتشعّب فيها الأسباب المعرقلة لإتمام هذه الخدمة للحد الذي لم يعد يُعرف صحيحها من غيره، حيث تبدأ من انقطاع الكهرباء، مروراً بتوقف الشبكة وتعطّل الصراف، وعدم وجود نقود فيه، وليس انتهاء بعدم توفر “الكرار الورقي” اللازم لتسجيل وتوثيق عمليات السحب، فحتى هذا يكفي لتوقف الصراف وخروجه من الخدمة، ناهيك عن الأعطال الفنية والميكانيكية التي تحدث نتيجة لقدم تلك الصرافات، وعدم تركيب أخرى جديدة، الأمر الذي يطيل مدة استلام الموطّن لراتبه إلى أيام معدودة، وما يعني ذلك من هدر للوقت، ومعاناة في التنقل بحثاً عن صراف، وزيادة في تكلفة سحب الراتب!

يضاف إلى تلك الأسباب – التي هي برأي العالمين بخلفيات الموضوع وحقيقته قابلة للحل والمعالجة – التضخم الذي بنتيجته تحتاج عملية السحب لمرات عدة، فهل يعقل أن سحب 500 ألف ليرة يحتاج لخمس عمليات؟ ولماذا لا يتم سحب هذا المبلغ بعملية واحدة من داخل المصرف مثلما كان يتم سابقاً؟ وتخصيص الصرافات لسحب المبالغ التي لا تزيد عن  200 ألف أو 300 ألف فقط، وكل ما زاد عن ذلك يتم سحبه من داخل المصرف؟.

وعلى الرغم من إصدار ورقة نقدية من فئة الـ 5 آلاف ليرة، إلا أن ذلك لم يسهم في التخفيف من واقع حال الصرافات.

لا يقتصر الأمر على الواقع المتدني للصرافات، وانعكاسه على خدمة السحب، بل تطالعنا مشكلة أخرى هي تجديد البطاقة المصرفية منتهية الصلاحية، حيث تفاجأ العديد من الموطّنين لرواتبهم بعدم توفرها حين مراجعتهم للفرع المصدر لها، ومفاجأتهم أكثر بالمبررات التي سمعوها، والتي كان حصيلتها النهائية الوعد بإنجازها بعد نحو نصف شهر، ما يعني أن الموظف سيضطر للانتظار كل تلك الأيام  للحصول على راتبه، بينما كان بالإمكان أن يسحب راتبه من المصرف مباشرة، وعدم انتظار صدور البطاقة الجديدة، وحتى هذه الخدمة تم إلغاؤها؟!

واقع صرافات وخدمة أدى لإعادة المطالبة بالرجوع لمعتمدي الرواتب والمحاسبين، وهذا ما يتضارب مع التوجّه لتوطين مشروع الدفع الالكتروني، وتكريس هذه الثقافة في التعاملات المالية، الأمر الذي يثير التساؤلات حول ازدواجية هذه الخدمة، وإمكانية تطبيقها ونجاحها في الأمد المنظور، خاصة في ظل استمرار “ثقافة الكاش”، وضعف الدخل للحد الذي أصبح معظم المواطنين يسحبون كامل رواتبهم!.

واقع متناقض في تقديم خدمة مصرفية يثير سؤالاً محقاً: كيف يستطيع مصرف كالتجاري وغيره بكل جدارة وسرعة تطبيق المنظومة الوطنية الموحدة للدفع الالكتروني للفواتير والرسوم (التي هي بوابة مركزية تربط الجهات المفوترة والمصارف العاملة على المستوى الوطني ببنية تحتية متكاملة)، أي يستطيع تنفيذ نظام “مدفوعات”، ويوفر آلية للتعامل مع جميع حركات دفع الفواتير التكرارية كالمياه والكهرباء والهاتف الثابت.. إلخ، وغير التكرارية كـمخالفات المرور والضرائب وتذاكر الطيران.. إلخ، من خلال القنوات المتاحة لدى المصارف العاملة، بينما لا تستطيع صرافاته تنفيذ أبسط تقنية، مقارنة بتقنية نظام “مدفوعات”؟!.

والسؤال الأهم: كيف يتم تأمين تجهيزات البنية التحتية والتقنية لـ “مدفوعات”، ولا يتم الشيء عينه مع صرافات المصرف الأعرق في سورية؟ وأين العقوبات؟!.

Qassim1965@gmail.com