ثقافةصحيفة البعث

ولاء عزّام ويامن الحجلي يتصدّران المشهد الدّرامي من بدايته

في كلّ موسم رمضاني – بشكلٍ خاص – يثبت الممثّلون الشّباب في سورية تفوّقهم المهني بالتّشارك مع المخرجين الذين يقدّمون لهم الفرص دائماً.. تفوّق لم نشاهده في الأعمال المشتركة التي شارك فيها بعضهم.. نذكر هنا ولاء عزّام في “كسر عضم” لمخرجته رشا شربتجي ومؤلّفه علي معين صالح. وهنا، لا بدّ من أن نشير إلى، ونشيد، بحرص شربتجي على إتاحة الفرصة أمام الشّباب، سواء أكانوا ممثلين أثبتوا حضورهم خلال سنوات ماضية ليست بالطّويلة، أم خريجين جدداً أو ربّما فنيين. وهي، في كلّ مرّة تفسح المجال أمام هذه المواهب والخبرات والإمكانيات، تقدّم لنا وجبةً دسمةً من المهنية العالية التي قد لا يحرّكها مخرج آخر.

في “كسر عضم”، نشاهد عزّام التي تؤدّي شخصية يارا، الفتاة الضائعة بين والدها ووالدتها وجدّتها. ومنذ الحلقات الأولى تجذب المشاهدين بأدائها في مشهد حزين وفجائعي، هو مقتل والدتها على يد عشيقها “غزوان الصّفدي” الذي يستغل خروج الأمّ لشراء بعض الحاجيات. في هذه الأثناء، تدخل يارا ويتفاجأ الاثنان ببعضهما فيحاول إسكاتها لكنّه لا يفلح بذلك، ويدخلان في عراك يستمر حتّى عودة الأمّ التي تصبح طرفاً آخر في المعركة. تحاول يارا قدر الإمكان أن تمنعه من التّسبب بأي أذى لأمّها لأنّها كانت تشكّ بخداعه لها، وهذا ما تأكدت منه الآن، وصار حقيقة تعرفها الأمّ في اللحظة التي تدفعه بها وتسقط رزم المال من قميصه. حقيقة أنهتها سكين العشيق المخادع الطّامع، لتسقط الأم بدمائها أرضاً، ومعها تسقط يارا مفجوعةً وتصرخ بشكلٍ هستيري كمن لايصدّق ما حدث، لكنّها في الوقت ذاته تعرف أنّها فقدت الحضن الدّافئ والملاذ الوحيد في حياتها، ولاسيّما أن سمعة أمّها السّيئة ستلاحقها إلى الأبد في مجتمع لا يرحم، كيف لا وقد تبرّأ منها والدها “جمال العلي” وسلّمها لجدّتها، ومثله فعل خالها “باسل حيدر”.

ومن خلال هذا المشهد، تعود عزّام إلى إظهار قدراتها وإمكانياتها وأدواتها التّمثيلية وربّما شغفها التي لم نرها في الأعمال المشتركة التي شاركت فيها خلال السّنوات الأخيرة على الرّغم من الجماهيرية التي حققتها بعض تلك الأعمال، مشهد وأداء لاقى صدىً واسعاً عبّر عنه مشاهدون من خلال منشوراتهم على صفحات التّواصل الاجتماعي وأشادوا به.

يذكر أنّ العمل اجتماعي يتناول تداعيات الحرب وانعكاساتها على المجتمع السّوري من هجرة ورشوة وقتل ونصب وفساد وضحايا.

مثال آخر نقدّمه عن أداء الممثلين الشّباب المميّز، شاهدناه في “مع وقف التّنفيذ” الذي يجمع مرّة ثانيةً المخرج سيف سبيعي والمؤلّفين علي وجيه ويامن الحجلي الذي يؤدي شخصية “عزّام” المطرود من عمله بسبب قضية فساد لا علاقة له بها، شاب يكره الظلم ويحاربه من مكانه وبإمكانياته بمساعدة صديق له. أمّا المشهد الذي صار حديث النّاس واقعياً وافتراضياً فنوجزه بهروبه من منزله بسبب هجوم إرهابي تعرّض له الحيّ مع زوجته وطفليه الرّضيعين، هروب لم يكتب له التّمام السّليم ذاك أنّ الرّصاص الصّامت قنص زوجته وأحد طفليه، فيدفنهما في مكانهما، بيدين مترددتين حزينتين ويجلس إلى جوار القبر مكلوماً يحدّث طفله الآخر، يصمت، بشكلٍ مفاجئ نعرف معه أنّه دفن الطّفل الحي لا الميت. لحظة لا يتمنّى المرء أن تكون حقيقة ولو كان يعرف أنّها مجرّد مشهد سينتهي بلحظته أو ربّما بعد لحظات من تفاعله وبكائه مع الأب المكلوم الذي يحاول إنقاذ طفله، لكن عبثاً أن تردّ مناجاته ودموعه تلك الرّوح الصّغيرة. وإن كنّا نشيد هنا بأداء الحجلي لا بدّ من الإشادة أيضاً بالمخرج سيف سبيعي الذي يتعاون للمرّة الثّانية مع يامن الحجلي ككاتب وممثل في آن معاً بعد تعاونهما العام الماضي في “على صفيح ساخن” الذي مرّ مروراً لم يكن كالكرام، بل ثابتاً راسخاً، في تاريخ الدّراما السّورية، وما يزال يستذكره المشاهدون والنّقاد حتّى اليوم ويقارنون الأعمال الأخرى به.

يامن الحجلي لم يتغافل عن ردود أفعال المشاهدين والمعجبين على صفحته الشخصية وعلى صفحات الفيسبوك، بل أجابهم الودّ بالودّ وقال: “كمّ الحب الذي وصلني اليوم كبير جدّاً.. أتمنّى لو كان بإمكاني الرّدّ عليكم فرداً فرداً، لكنكم كثر، محبّين ومعجبين وأصدقاء وزملاء.. أتمنّى أنا وشركائي بالعمل, المخرج وشركة الإنتاج والفنّانون والفنّيون، أن نستطيع أن نصل إلى قلوبكم ونحاكي الإنسانية التي تجمعنا ونكون على قدر محبتكم وثقتكم”.

يُذكر أنّ “مع وقف التّنفيذ” عمل اجتماعي أيضاً تدور أحداثه في حيّ تبدأ الحياة بالعودة إليه مجدداً بعد أن عانى ما عاناه من الإرهاب. معاناة تستمر بسبب تغيّر الأحوال والظّروف المعيشية التي يكابدها أبناؤه بسبب الفساد والطمع والأنانية والجشع.

نجوى صليبه