ثقافةصحيفة البعث

الكاتب محمود الجعفوري: بذلنا كل ما نستطيع لإنجاز “الفرسان الثلاثة”

استقبل المشاهدون مسلسل “الفرسان الثلاثة” (تأليف محمود الجعفوري إخراج علي المؤذن، إنتاج مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني) بترحاب كبير، فمن خلاله عاد الفنان أيمن زيدان للأعمال الكوميدية بعد غياب عنها لعدة سنوات، وقد احتلّ المسلسل المرتبة الخامسة من قائمة أفضل خمسة مسلسلات سورية على أحد المواقع في الأيام الخمسة الأولى من رمضان رغم عرضه على محطة واحدة، ومع بداية عرضه كتب الفنان أيمن زيدان على صفحته قائلاً: “حين قرّرت أن أعود إلى تقديم عمل كوميدي بعد انقطاع طويل، انتابتني مخاوف جمّة نتيجة إحساسي بالمسؤولية الحقيقية أمام جمهور احتفى بمعظم تجاربي السابقة ولخطورة العمل الكوميدي وحساسيته، لكن هذه المخاوف بدّدها نص الصديق محمود الجعفوري وطموح المخرج الشاب علي المؤذن ومجموعة من الأصدقاء الممثلين والممثلات الكبار الذين شاركوني في هذه التجربة، وكذلك مجموعة الفنيين الشباب المعجونين بالحماسة والشغف، ووصلنا معاً في هذه التجربة المنهكة التي أرهقتنا تفاصيلها وأبهجتنا نتائجها إلى مكان يقارب ما حلمنا به وهو أن نستلّ ابتسامة من أوجاع الزمن الصعب”.

بين ما كتبتَ على الورق وما أُنجز في “الفرسان الثلاثة” على يد المخرج علي المؤذن.. إلى أية درجة أنت راضٍ عما شاهدتَه؟ 

راضٍ تماماً عمّا شاهدتُه، وقد بذل المخرج علي المؤذن والممثلون جهوداً كبيرة بقيادة المايسترو أيمن زيدان الذي كان له الفضل في تنظيم الإيقاعات الموجودة في العمل، وفق ما هو متوفر من إمكانيات في مؤسسة الإنتاج الاذاعي والتلفزيوني، وأنوه بالجهود الكبيرة التي بذلها مدير المؤسسة أ. أحمد خضر ليوفر كل الإمكانيات لإنجاز العمل.

كتب الفنان أيمن زيدان عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي إن “قيمة الأعمال التلفزيونية لا تكتسب شرعيتها من خلال حملات وسائل التواصل الاجتماعي المبكرة بل بعد عرضها”، فعلى ماذا تعوّلون في “الفرسان الثلاثة”؟ 

عوّلنا على الجهد الكبير المبذول في كتابة العمل وتضافر جهود العاملين جميعاً لإنجاحه، وأحب أن أنوه هنا بدور الفنان أيمن زيدان لإسهامه الفعلي بإنجاز النص كتابة وإشرافاً وبالملاحظات القيّمة التي كان يقدمها لي أولاً بأول عندما كنتُ أكتب وأسلّم الحلقات، وأشير إلى أن النص بدأتُ بكتابته منذ أربع سنوات، ونتيجة الأحداث السريعة التي كنا نمر بها أجرينا العديد من التعديلات والقراءات الجديدة على النص حتى أُشبع بأبسط المفردات والأحداث وبذلنا كل ما نستطيع من جهد لنعطي للمُشاهد ما يحترم ذوقه، وأشير إلى أن ما كتبه أيمن زيدان شيء جوهري جداً، فالجميع لاحظ أنه حتى قبل بداية عرض المسلسلات كان هناك بروباغندا عالية جداً من خلال الميديا تجاه أعمال لم تعرض بعد، وأرى أنه من المبكر جداً الحكم على أي عمل من خلال حلقاته الأولى، مع تأكيدي أن نجاح أي عمل هو رصيد يُضاف إلى الدراما السورية.

تجمعك والفنان أيمن زيدان شراكة فنية عبر أعمال تلفزيونية ومسرحية.. حدثنا عنها وعن أسباب نجاحها، وما الذي يميّز زيدان الممثل والمخرج؟ 

شهادتي بالفنان أيمن زيدان مجروحة لأنه صديق، والشهرة الكبيرة له لم تغيّره بحسّه الإنساني، وهو يتمتّع بوفاء ومحبة كبيرة لعمله، وعندما يبدأ بعمل يخلص له ويبذل فيه جهداً منقطع النظير، وفكرة أي مسلسل بيننا غالباً ما تولد عن جلسات ونقاشات وحوارات، فتكون الفكرة صغيرة ويتمّ العمل عليها  لتصل إلى الصيغة التي تلاقي القبول عندي وعنده، وغالباً ما يكون زيدان مشاركاً في كل تفاصيل العمل، وقد يكتب مشاهد كاملة بالاتفاق بيننا، وأهم ما يميّز زيدان كممثل ومخرج أنه ومنذ بداياته مارس كل الأعمال من ممثل ومخرج ومدير شركة إنتاج، فهو متعدّد المواهب، والدليل إنتاجاته التي تتحدث عنه.

كيف تفسّر عودةَ المسلسلات الكوميدية السورية مُجدداً في الموسم الرمضاني الحالي بعد غيابٍ دام لسنوات؟ 

سبب العودة توق المشاهدين الكبير للكوميديا بعد الظروف الصعبة والقاسية التي مررنا بها، لذلك بات المشاهد يبحث عن الفرح والابتسامة بأي شكل، وقد وجد ضالته في السنوات الأخيرة في الأعمال الكوميدية التي لاقت نجاحاً، وتُعاد باستمرار، ولا زال المشاهد متعلقاً بها ويتابعها حين عرضها، وهناك أعمال حققت نجاحاً درامياً كبيراً وعندما أُعيد عرضها لم تلقَ رواجاً لأن الإنسان في المحن يكون متشوقاً للحظة فرح، والكوميديا هي لحظة فرح.

ما سبب تعثر الكوميديا السورية برأيك؟.  

التعثر الذي أصاب الكوميديا السورية في فترة من الفترات هو جزء من التعثر الذي أصاب الدراما السورية بشكل عام، لأننا وخلال الأزمة كنا أمام عدة خيارات، فإما أن تطحننا الأزمة ونوقف إنتاج الأعمال الدرامية للحفاظ على السمعة والانطباع الجيد للكوميديا السورية قبل الحرب، وهذا ما كان يراهن عليه كلّ من كان يترقّب سقوطنا ودرامانا، أو أن ننتج بغضّ النظر عن النوعية من أجل التواجد فقط، وأي خيار من هذه الخيارات له محاسنه ومساوئه، ولكن وخلال الحرب تمّ التوجّه للخيار الثاني وهو أن ننتج بغضّ النظر عن المستوى في سبيل أن تبقى الدراما السورية على الساحة، وفي هذا الخيار كانت النتائج في كثير من الأحيان هزيلة، وأتمنى أن تكون هذه السنة بداية لعودة الدراما السورية كوميدياً واجتماعياً لتحتلّ مكانتها التي تستحقها.

الكتابة الكوميدية هي من أصعب أنواع الكتابة، فإلى ماذا تحتاج بالدرجة الأولى؟.

تحتاج الكوميديا إلى الموهبة والعين التي تنقد اللحظة الكوميدية العابرة لتحويلها إلى عمل فني إبداعي، وهذا الأمر لا يتوفر إلا في قلة من الناس.

لا يقتصر نجاحُ العمل الكوميدي عادة على وجود نص جيد ومخرج جيد بل أيضاً إلى ممثل جيد، لذلك أسألك عن مواصفات الممثل الكوميدي الناجح؟.

في البداية لا بد من الاعتراف بأن عوامل نجاح العمل الكوميدي والأعمال الدرامية كلها مرتبط كثيراً بظروف العرض، ولا أقصد بظروف العرض عدد المحطات والتوقيت، وإن كان ذلك يلعب دوراً مهماً، وإنما الظرف الاجتماعي الذي نعيشه والظروف الاقتصادية، حيث لا يمكن تقديم عمل كوميدي في هذه الظروف غير الصحية. وبالنسبة للممثل فإن وجود ممثل كوميدي لا يعمل إلا في الأعمال الكوميدية حالة شبه نادرة، فالممثل السوري يقدم أدواراً درامية وكوميدية وتاريخية وبوليسية، لكن لا بد من التأكيد على أن الكثير من الفنانين يخشون الكوميديا لأنه يكفي أن يستثقل ظله على الشاشة حتى يخسر الكثير من رصيده، الكوميديا مغامرة خطرة لا يجرؤ على خوضها إلا الواثق بقدراته والممتلك لأدواته.

تعاملتَ مع مخرجين عدة من خلال نصوصك.. فأي علاقة كانت تربطك بهم أثناء التنفيذ ككاتب؟ وما سبب المشكلات الكثيرة التي تنشأ عادة بين الكاتب والمخرج؟ 

معظم نصوصي التي أُنجزت كانت التجربة الأولى للمخرج الذي أخرجها، وكانت العلاقة ودية بيني وبين كل المخرجين الذين تعاملتُ معهم. أما المشكلات التي تقع عادة بين المخرج والكاتب؛ فغالباً ما يكون سببها الرؤية المختلفة للنص وللشخصيات، فلكل منهما رؤيته الإبداعية التي قد تتطابق أو تختلف في مفرداتها، وهو اختلاف خلّاق وغالباً ما يكون في مصلحة العمل إن وجدت القواسم المشتركة للتفاهم بينهما، وأؤمن أن الكتابة هي الولادة الأولى للعمل والإخراج هو الولادة الثانية.

لم تكتب نصوصاً في المسرح بل عملت كمعدّ للعديد من النصوص الأجنبية مع أيمن زيدان؟ 

أهم ما في الكتابة المسرحية المقولة التي يجب أن تقدم للجمهور، وهذا ما فعلناه في مسرحية “سوبر ماركت” و”فابريكا”، حيث كنا في كل فترة من الفترات نختار نصاً مسرحياً يلائم تلك الفترة، أي أن الفكرة هي المهمة أما المعالجة فمختلفة، ونحن في مجمل الأعمال المسرحية التي قدمناها كتبنا نصوصاً لم نستلهم من النص الأصلي إلا فكرتها، ومن شاهد عروضنا المسرحية أحسَّ أنه أمام عمل يلامس روحه وبيئته وليس عملاً اغترابياً يتحدث عن المجتمع الإيطالي أو الأرجنتيني مثلاً، أعمالنا غرفناها من معين العالمية ولكننا ألبسناها لباساً سورياً بامتياز، ولم أكتب كلمة تأليف باعتبار أن كلمة مؤلف لها قيمة أكبر من قيمة مُعدّ؛ لأن ما كان يعنينا هو الرسالة التي نريد إيصالها للجمهور وهي إمتاع الناس وتقديم فكر عالمي بعيداً عن الرغبة الشخصية بالشهرة كمؤلف.

أمينة عباس