ثقافةصحيفة البعث

عمرو علي: الأجزاء الكوميدية هي الأقدر على استيعاب تعدد المخرجين

ارتأت شركةُ “سما الفن” المنتجة لمسلسل “بقعة ضوء” هذا العام إشراك عددٍ من المخرجين الشباب في تنفيذ لوحات هذا المسلسل الشهير الذي سبق وتناوب على إخراجه كبار المخرجين في سورية، ولا يختلف أحد على أن التحدّي كان كبيراً بالنسبة لهؤلاء المخرجين الذين يُحسَب لهم خوضهم هذه التجربة، كما يُحسب لصاحب الفكرة أيمن رضا وشركة الإنتاج جرأتها في اتخاذ هذه الخطوة بالاعتماد على مخرجين شباب واعدين، منهم مجيد الخطيب، وعلي المؤذن، وورد حيدر، ومحمد مرادي، وعمرو علي الذي أكد في حوار مع “البعث” قدرة المخرجين الجدد على تقديم رؤية جديدة في التعامل مع الكوميديا.

المشاركة في إخراج عمل حقق نجاحات كثيرة نوع من المغامرة.. على ماذا عوّلتَ حين قررتَ خوض هذه المغامرة؟ 

كان الرهان على سمعة المسلسل الكبيرة ونجاحاته الكثيرة المتتالية نفسها، فمسلسلات الأجزاء الكوميدية مثل “مرايا” و”بقعة ضوء” هي في المحصلة مسلسلات لها إرث وقاعدة جماهيرية كبيرة تشكّلت عبر عقود طويلة من الزمن، وهي الأقدر على تقديم المخرج الجديد لقطَّاع عريض من جمهور التلفزيون، إضافة إلى الرهان على قدرتنا كمخرجين جدد على تقديم رؤية جديدة في التعامل مع الكوميديا، وإن تباينت هذه الرؤى أو حتى وصلت حدود التضاد بين مخرج وآخر، ولكن هذا في النهاية يشكّل إضافة للمسلسل نفسه ويضفي عليه مزيداً من الغنى والتنّوع، وأعتقد أن مسلسل “بقعة ضوء” كان بحاجة فعلية إلى هذا التنوع للظهور بحلّة مختلفة، وخاصّة مع ظهور أنماط جديدة من الكوميديا عبر الإسكتشات التي تُعرَض على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. أما على صعيد الشكل فقد راهنت على العمل بأسلوب كلاسيكي بعيداً عن الزخرفة البصرية، وذلك لإيماني بأنني أتعامل مع مسلسل شعبي وبسيط يتوجّه في الأساس إلى شرائح عمرية واجتماعية مُتعددة ومتباينة، ولذلك فقد اعتمدتُ بشكل رئيسي على الميزانسينات المدروسة وحركة الممثلين أكثر من الاعتماد على حركة الكاميرا وأساليب السرد الحداثية في السيناريوهات والمونتاج.

ماذا كانت أولوياتك كمخرج حين اخترت نصوص لوحاتك؟

كانت الأولوية تنحصر في اتجاهين رئيسيين: الأول هو التركيز على الموضوعات التي تمسّ حياتنا اليومية بأزماتها المتعدّدة، وتحديداً على الصعيد الخدمي والاجتماعي والمؤسساتي، خاصّة وأن المسلسل كان يعتمد منذ نشأته الأولى على السخرية اللاذعة من المظاهر السلبية المنتشرة في القطَّاعات المختلفة من المجتمع، وهو محاولة لنقد الواقع بطريقة كوميدية بغية التنبيه والإشارة إلى هذه الظواهر السلبية. أما الاتجاه الثاني فهو السعي لتقديم جرعة كوميدية خفيفة ومُسلّية للجمهور الرمضاني، وأتمنى أن أكون قد وفقت في النجاح بتحقيق هذه المعادلة والجمع بين الاتجاهين.

ما هو أكبر تحدّ واجهتَه كمخرج أثناء تصوير لوحاتك؟

أعتقد أن التحدّيات التي واجهتنا في التصوير هي جزء من التحدّيات التي تواجه كلّ المخرجين العاملين في سورية اليوم، مثل صعوبة التصوير الخارجي نظراً لانتشار ظاهرة المولدات الكهربائية في الشوارع، والتي تعيق أحياناً قدرتنا على تسجيل الصوت، إضافة إلى انحسار المظاهر الجمالية مقارنةً بما كانت عليه مدينتنا في الماضي، والحقيقة أننا كنا نتفاخر في السابق بأن شوارعنا عبارة عن استديوهات مفتوحة للتصوير على عكس الكثير من المدن العربية التي يصعب فيها التصوير الخارجي ضمن المواقع الحقيقية، وأتمنى أن تبقى شوارعنا كذلك، فالتصوير الخارجي في المواقع الحقيقية كان ولا يزال واحداً من أسباب النجاح الكبير للدراما السورية.

ما هي طبيعة العلاقة بينك وبين المخرجين الآخرين في هذا الجزء؟ هل كانت علاقة تقوم على الشراكة الحقيقية من نقاشات وحوارات؟

بالطبع هي علاقة تكاملية طالما أننا نسعى جميعاً نحو هدف واحد هو تقديم الجزء الجديد بحلّة مختلفة، وأتمنى أن نكون قد وفّقنا فعلاً في هذا المسعى، خاصّة وأننا جميعاً ننتمي لجيل واحد هو الجيل الشاب. أما ضمن مرحلة التنفيذ فقد عمل كلٌّ منا بطريقته ورؤيته دون تنسيق مُسبَق طالما أن هذا النوع من المسلسلات لا يحتاج إلى وجود وحدة في الأسلوب، لذلك سعينا إلى تقديم رؤيتنا الفنّية كلٌّ حسب توجهه وطريقة تعاطيه الذاتية مع الكوميديا والعمل الفنّي بشكل عام، سواء لناحية الشكل أو المضمون.

ما رأيك بتجربة تصدي عدة مخرجين لإخراج بقعة ضوء، وأي سلبيات لها وأي إيجابيات؟ 

الحقيقة أن هذه الظاهرة ليست جديدة على سلسلة “بقعة ضوء”، إذ سبق وأن تشارك المخرجان ناجي طعمي وفراس دهني في إخراج الجزء الثالث مثلاً، ولكن يمكن القول مرّة أخرى إن مسلسلات الأجزاء الكوميدية هي الأقدر على استيعاب تعدّد المخرجين، وهذا بلا شكّ يشكّل إضافة إلى المسلسل ويضفي عليه مزيداً من الغنى والتنوع، لأن لكل مخرج رؤية وطريقة في التعاطي مع اللوحة الكوميدية والممثل وحركة الكاميرا وأسلوب المونتاج وغير ذلك من عناصر اللغة البصرية، وأيّ رؤية جديدة ستشكّل إضافة إلى المسلسل على صعيد التنوع والاختلاف، وخاصة مع غياب الحاجة لوحدة الأسلوب، كما هي الحال في المسلسلات المتصلة.

أمينة عباس