دراساتصحيفة البعث

نشطاء المناخ ضد الصحافة الأمريكية

سمر سامي السمارة

أغلقت مجموعة من نشطاء المناخ مؤخراً مدخلاً لمؤسّسة طباعة في مدينة نيويورك، وذلك في محاولة لعرقلة توزيع “نيويورك تايمز، وول ستريت جورنال”، وغيرهما من الصحف المملوكة للشركات، واحتجاجاً على فشلها في تغطية حالة الطوارئ التي يعيشها كوكبنا.

وشدّد نشطاء حركة “تمرد ضد الانقراض” في بيان أدلوا به على أن الحصار لا يستهدف الصحفيين الأفراد، بل مجلس الإدارة، وموظفي الإدارة العليا في هذه المؤسسات التي تحدّد ما يجب تضمينه واستبعاده في كل مطبوعة.

وجاء في البيان: “تدعم حركة تمرد ضد الانقراض الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة، وتنظر إلى كسر بعض القوانين الدنيوية الملموسة على أنه نداء علني للتغيير المجتمعي. إن أزمة المناخ والبيئة موجودة بالفعل وتتسبّب الظروف الجوية القاسية والجفاف والحرائق بتدمر منازل الناس وسبل عيشهم. ومع ذلك فإن الحكومات والشركات التي تأثرت بوسائط الإعلام الجماهيري تشعر بالرضا، وأنها مستمرة في تجاهل الأسباب الجذرية للأزمة والوضع المتردي الذي تواجهه الإنسانية”.

وخصّت المظاهرة كلاً من “نيوز كورب، ونيويورك تايمز”، وشركة جان نت -وهي شركة قابضة لوسائل الإعلام الأمريكية كـ الجورنال، والتايمز، ويو إس إيه توداي– ووجّهت لها انتقادات حادة بسبب لصق إعلانات شركات الوقود الأحفوري جنباً إلى جنب مع تغطيتها وأنشطتها الرامية لإدامة التضليل الإعلامي بشأن تغيّر المناخ.

إن هذا النوع من التقاعس، الذي تدعو إليه الشركات، يجعل من السهل على الإدارة الأمريكية التعامل مع أزمة المناخ والبيئة وكأنها لازالت على بعد سنوات، متجاهلة دعوات العلماء الملحّة للعمل، ورافضة اتخاذ الخطوات التي يحتاجها كوكبنا لبدء تحويل أنظمتنا من أنظمة محدودة وهشة إلى قوية ومرنة.

وتابع النشطاء: “يجب على شركات المنافذ الإعلامية أن تكون واضحة بشأن المخاطر المتزايدة التي تواجه البشرية الآن، والظلم الذي يمثله هذا، وجذوره التاريخية، والحاجة الملحة للتغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي السريع، وهذا يشمل المزيد من تغطية الصفحة الأولى لحالة الطوارئ المناخية”.

جاءت المظاهرة في الوقت الذي شارك فيه العلماء ونشطاء المناخ الشباب في جميع أنحاء العالم بمناسبة يوم الأرض، في احتجاجات لا عنفية وعصيان مدنيّ، لإدانة دعم حكوماتهم المستمر لإنتاج الوقود الأحفوري، حيث يتسبّب تسارع الاحتباس الحراري بإحداث فوضى في جميع أنحاء العالم.

وقد كتبت الناشطة السويدية غريتا تونبرج عبر حسابها على تويتر: “هذا ليس يوم أرض سعيد، لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق، لقد تحوّل يوم الأرض إلى فرصة لأصحاب النفوذ لنشر حبهم للكوكب، وفي الوقت نفسه يعملون على تدميره بأقصى سرعة”.

وبدوره، كتب عالم المناخ الأمريكي بيتر كالموس، الخبير الذي اتخذ إجراءات مباشرة في الأيام الأخيرة كجزء من التعبئة العالمية المتزايدة، أنه “كلما زاد تهديد الوضع الراهن للوقود الأحفوري، كلما قلّت التغطية الإعلامية”.

وتُظهر قاعدة بيانات على الإنترنت تمّ الكشف عنها مؤخراً أن المؤسّسات المالية في دول مجموعة العشرين -التي تعهد العديد منها باتخاذ إجراءات هادفة لمكافحة الاحتباس الحراري- قدّمت بين عامي 2018 و2020 تمويلاً لمشاريع النفط والغاز والفحم أكبر بمقدار 2.5 مرة مقارنة بالطاقة النظيفة، وهو مثال آخر على رفض الحكومات الاهتمام بالتحذيرات المتزايدة الخطورة لعلماء المناخ.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “الحقيقة أننا كنّا أوصياء فقراء على وطننا الهش. اليوم، تواجه الأرض أزمة كوكبية ثلاثية: اضطراب مناخي، وفقدان الطبيعة، والتلوث والنفايات”. وتابع غوتيريش: “إن هذه الأزمة الثلاثية تهدّد بقاء ملايين الأشخاص حول العالم، نحن بحاجة إلى القيام بالمزيد من العمل وبسرعة أكبر، وخاصة لتفادي كارثة مناخية”.