دراساتصحيفة البعث

مخاوف روسيا

ريا خوري

أثبتت المعلومات الاستخباراتية حجم مخاوف القيادة الروسية من إدارة الولايات المتحدة الأمريكية لعشرات المختبرات البيولوجية في بلدان حدودية محيطة بها مثل جورجيا وأوكرانيا. من هنا جاء التأكيد على أن العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا كانت بهدف وقف تهديد خطر الأسلحة البيولوجية التي تقوم واشنطن بتطويرها في عدة مختبرات سرية في أوكرانيا.

وبعد أن تم الكشف عن تلك المختبرات، لم تكتف روسيا بتقديم الاتهام لأوكرانيا ومن خلفها الولايات المتحدة، وإنما أرفقته بمعلومات موثوقة ومؤكدة عن عدد تلك المختبرات وأماكنها وفروعها وبرامج عملها، حتى باتت بمثابة فضيحة دولية، لأنها  تخالف بنود اتفاقية الأسلحة البيولوجية وحظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والأسلحة التكسينية التي تشكل تهديداً للأمن الدولي.

لم تتوقف الولايات المتحدة على نفي الاتهامات الروسية لها، على الرغم من وجود الوثائق والأدلة والبراهين، واصفةً إياها، بالمزاعم المختلقة. وهكذا حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية، ومعها القيادة السياسية قبل نحو أربعة أعوام، عن معلومات مهمة لديها بإدارة الولايات المتحدة مختبراً سرياً في جمهورية جورجيا، رد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الأمريكية وقتذاك، إريك باهون، بأن المعلومات الروسية هو اختلاق لعمل تضليلي خيالي ضد الغرب الأوروبي – الأمريكي، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقوم بتطوير أي أسلحة بيولوجية في مركز “لوغار”، زاعماً أن مركز “ريتشارد جرين غار” الذي بدأ فيه العمل في العاصمة الجورجية تبليسي في العام 2013 مكرّس للمشاركة في تعزيز الصحة العامة والحيوانية عن طريق تشخيص عدد كبير من الأمراض المعدية لاحتواء وإيواء مسببات الأمراض الخطيرة ودعم جهود البحث الدولية.

وفيما كانت معلومات الاستخبارات الروسية ووزارة الدفاع عن المركز المشار إليه تشير منذ العام 2015 إلى أن الوحدات العلمية العاملة فيه تابعة للقوات العسكرية البرية الأمريكية، غير أن نفي الولايات المتحدة المتكرر للمعلومات الروسية الموثوقة اصطدم باعتراف رسمي من وزارة الصحة في أوكرانيا، في شهر أيار 2020، بقيام الولايات المتحدة بإنشاء ثمانية مختبرات في أوكرانيا لحفظ جراثيم ذات خطورة عالية. وقد سبق تصريح وزارة الصحة الأوكرانية معلومات وردت في تقرير أعده أحد المراكز البحثية البلغارية وكشفت فيه عن أن جيش الولايات المتحدة لم يتوقف عن تمويل إنتاج الفيروسات والجراثيم السامة القاتلة ضمن برامج بيولوجية محرّمة دولياً يشرف عليها في  العديد من بلدان شرق أوروبا. لكن حالة الإنكار الأمريكي المتتالية سرعان ما تراجعت، فقد اعترفت واشنطن أن أوكرانيا تستضيف مراكز أبحاث ومصانع بيولوجية أمريكية في أراضيها، وصرحت، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، في 7 آذار من هذا العام، بأن الولايات المتحدة تبحث مع  العاصمة الأوكرانية كييف سبل منع جمهورية روسيا الاتحادية من وضع يدها على مراكز الأبحاث البيولوجية، فيما كان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأوكرانية نيد برايس قد اعترف، قبل ذلك، بأن فريقا متخصصا أمريكيا يخطط لإجراء دراسات وأبحاث علمية عن مسببات الأمراض من الخفافيش والزواحف والطيور وبعض أنواع الحيوانات في أوكرانيا في العام 2022، وهو ما أعادت المعلومات التي قدمتها الحكومة  الروسية واستخباراتها تأكيده بلسان إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية. وأخيراً أكدت أفريل هاينز، مديرة الاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية، أن بلادها تقدم الكثير من المساعدات لأكثر من عشرة مختبرات بيولوجية  في جمهورية أوكرانيا.

عندما يتم الكشف عما يقارب من أربعة آلاف مختبر في أوكرانيا، وأن برامج المختبرات تشرف عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية بموازنة مالية تبلغ نحو ملياري وأربعمائة مليون دولار، فهذا يؤكد صدقية مخاوف روسيا روسيا.