اقتصادصحيفة البعث

شريحة تستحق الأخذ بيدها!!

حسن النابلسي

يفترض في بلد متعطش للاستثمار والإنتاج مثل بلدنا الذي يرزح اقتصاده تحت وطأة حصار وعقوبات اقتصادية غير مسبوقة، عدم التواني عن إعطاء أي تسهيل ولو كان تفصيلياً، لاستنهاض القدرات الكامنة في كل رقعة من هذا البلد، وعدم الاكتفاء بإعادة النظر “الشكلية” بالتشريعات والقوانين الناظمة للاستثمار..!.

واقع الحال للأسف غير مبشر أبداً.. فـ “الفوضى الضريبية” نتيجة عدم وضوح رقم محدد للتكليف، واعتماد دوائر المالية التي تعمل بعقلية الجباية الأثر الرجعي للتكليف، لم يربك الأسواق فحسب، بل أوجد ردة فعل سلبية أفرزت نوعاً من إحجام الكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال “المتوسطة”، تحديداً، لزجها في البنية الإنتاجية، مفضلين ادخارها إما ذهباً أو عقاراً، هذا فضلاً عن عديد الممارسات المتعلقة بالـ “دفع من تحت الطاولة” لجهة الحصول على ترخيص أية منشأة صغيرة أو متوسطة، ناهيك عن العراقيل الروتينية..!

ولا بأس أن تعوّل الحكومة على رؤوس الأموال الخارجية “المغتربة والأجنبية” لجذبها وتوظيفها بالبنية الإنتاجية.. لكن الأجدى هو التعويل على نظيرتها الموجودة داخلياً، وذلك لتمكين أكبر شريحة من المجتمع السوري إنتاجياً، من خلال نشر ثقافة الاعتماد على الذات..!.

ربما لا نجانب الحقيقة بالقول إن ثمة شريحة لابأس بها لا تزال تحتفظ بمدخراتها رغم ما ألمّ بالبلاد والعباد من ضغوطات ليست بالقليلة، وبالتالي ليست بحاجة لتمويل المصارف، وأنه لا يزال لدى هذه الشريحة تلك الهمّة المطلوبة للاشتغال على مشاريع تنموية ضمن نطاق “الصغيرة” و”المتوسطة”، والأهم أنها لا تفكر بالهجرة أسوة ببعضهم، لكن ما يمنعها من الانخراط بالعملية التنموية هو تلك العراقيل اللوجستية المنفرة للاستثمار، علماً أنها مدركة لحقيقة التحديات العملية المتوقع أن تواجهها من تدهور مستوى الطاقة (كهرباء ومحروقات)، ونقل تكاليف إنتاج وغيرها…!.

نعتقد أن هذه الشريحة تستحق الأخذ بيدها على الأقل – إن لم نقل دعمها – ولا نبالغ إن اعتبرنا الاهتمام بها “واجبا وطنيا بامتياز”، ويحتم على الحكومة ومؤسساتها قاطبة وضعها ضمن أولويات عملها في حال كانت – بالفعل – جادة بتعزيز التنمية ككل.. وهذا من شأنه تشجيع رواد اقتصاد الظل على تظهير ورشهم القابعة في الأقبية والأزقة المنسية، وانعكاس ذلك بالمحصلة على تحسين الوضع المعيشي ولو نسبياً.. فهل من مدرك لهذا الطرح..؟

hasanla@yahoo.com