أخبارصحيفة البعث

بوريل يدعو إلى “سرقة” الأموال الروسية في البنوك الأوروبية

تقرير إخباري 

ربما كان من حسنات العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا أنها عرّت الديمقراطية الغربية، وفضحت طبيعة هذا الغرب المتوحش اللاهث بطبيعته وراء نهب ثروات الأمم الأخرى، فبمجرّد خروج روسيا على طاعة الغرب وانحيازها إلى الشرق الذي تمثله بقضاياه العادلة، خلع هذا الغرب كل الأقنعة التي كان يختبئ وراءها واحداً تلو الآخر.

فهذا رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل، وبإيعاز من خلف المحيط، يطلب من دول الاتحاد الأوروبي النظر في مصادرة الأموال الروسية المجمّدة وتوجيهها لإعادة اعمار أوكرانيا، بالطريقة ذاتها التي استخدمتها واشنطن للسطو على أموال أفغانستان المجمّدة في البنوك الأمريكية، وقبلها استخدمت الأسلوب ذاته في السطو على الأموال الإيرانية بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران وخروج هذا البلد من العباءة الأمريكية.

فقد أشار رئيس الدبلوماسية الأوروبية، في حديث لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، إلى أن الولايات المتحدة فرضت في وقت سابق رقابتها وسيطرتها على مليارات الدولارات من الأصول المملوكة للبنك المركزي الأفغاني، وذلك لاستخدامها جزئياً للتعويضات المحتملة لضحايا الإرهاب، فضلاً عن المساعدات الإنسانية للبلاد، مطالباً الدول الأوروبية بالنظر في خطوات مماثلة للتصرّف مع الاحتياطيات الروسية، ولم يخفِ تأييده لمثل هذا التصرّف واصفاً إياه بـ”المنطقي للغاية”.

وتحت العنوان العريض الذي تتخذه الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في السطو على الأموال، شدّد بوريل على أن مسألة تمويل إعادة إعمار أوكرانيا هي إحدى القضايا السياسية الرئيسية، بالنظر إلى “المبلغ الهائل من المال” الذي يجب أن يخصّص لذلك، وذلك في اعتراف واضح بالحجم الكبير للأموال الروسية المجمّدة في البنوك الأوروبية.

هذا الحديث الذي يعيد إلى الذاكرة مغامرات “الكاوبوي الأمريكي” في مهاجمة البنوك والبلدات والسطو على أموال الناس، دفع الخارجية الروسية إلى الردّ عليه عبر تأكيدها أنها مصرّة على التمسّك بالقانون الدولي، وعدم الاستجابة لشريعة الغاب التي يحاول الغرب ومسؤولوه تعميمها على العلاقات بين الدول، حيث قال ألكسندر غروشكو نائب وزير الخارجية الروسي: إن اقتراح رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل بسحب الأموال الروسية المجمّدة وإرسالها لأوكرانيا غير قانوني ويقوّض الثقة بأوروبا، واصفاً ذلك بأنه “تدمير لأساس العلاقات الدولية” ومحذراً من اتخاذ مثل هذه القرارات التي ستضرب الأوروبيين أنفسهم، والنظام المالي، وتقوّض الثقة في أوروبا والغرب بشكل عام، لأن هذا يعدّ خروجاً تاماً عن القانون وتعميماً لقانون الغاب.

وقد أصرّ في حديثه على استخدام مصطلح رئيس الدبلوماسية الأوروبية إمعاناً في القول: إن مستوى الدبلوماسية الأوروبية انحدر إلى هذا الدرك من الانحطاط.

ولكن، هل ستتجاوب الدول الأوروبية مع مثل هذا الطرح؟ وماذا سيكون ردّ الفعل الروسي عليه فيما لو حدث؟.

ربما يكون من السابق لأوانه الحديث عن نتائج مثل هذا القرار، ولكن على الدول الأوروبية أن تستعدّ لمزيد من النكسات الاقتصادية التي يمكن أن ينتجها انعدام الثقة المتزايد في النظام المالي لديها، إذ كيف ستتصرّف لو قامت الصين مثلاً بسحب ودائعها من البنوك الأوروبية على خلفية قيام الغرب باستهدافها هي الأخرى، وقد بدأ بذلك فعلياً؟.

طلال ياسر الزعبي