دراساتصحيفة البعث

الساسة الأوروبيون وسياسة الكيل بمكيالين

ترجمة: عائدة أسعد

مرة أخرى يلجأ الساسة الأوروبيون إلى الكيل بمكيالين ردّاً على المواقف التي اتخذتها الصين والهند بشأن الصراع الروسي الأوكراني.

إن مواقف الصين والهند متشابهة تماماً، وقد أقامت الدولتان علاقات جيدة منذ فترة طويلة مع كلّ من روسيا وأوكرانيا ورفضتا الانحياز إلى أي طرف. ومثل 150 دولة أخرى رفض البلدان الانضمام إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على روسيا، ودعيا إلى تسوية سلمية تفاوضية للصراع في أسرع وقت ممكن وإلى احترام السيادة الوطنية.

ومع ذلك، عندما زارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الهند الأسبوع الماضي لم تعبّر علناً عن أي مخاوف بشأن موقف الهند من الأزمة الأوكرانية، وبدلاً من ذلك تحدثت عن الكيفية التي يتقاسم بها الاتحاد الأوروبي والهند القيم وينبغي عليهما إقامة علاقات أوثق.

لكن الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أنها استغلت زيارتها للهند لتوجيه ضربة سريعة إلى الصين في محاولة واضحة لدقّ إسفين بين أكثر دولتين من حيث عدد السكان في العالم واللتين تعرّضت علاقاتهما بالفعل لضربة بسبب النزاع الحدودي.

وقالت فون دير لاين: “إن روسيا والصين أبرمتا اتفاقاً غير مقيد، وأن صداقتهما لا حدود لها، فماذا يمكن أن نتوقع من العلاقات الدولية الجديدة التي دعا إليها كلاهما؟ إننا سنواصل تشجيع بكين على لعب دورها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ المزدهرة والهادئة.” وهنا من الطبيعي أن تثير تصريحات دير لاين التساؤل حول ما إذا كان ذلك تأكيداً لدور الصين في المنطقة المسالمة والمزدهرة في الماضي، أم أنها تقترح أن الصين لم تعد مهتمة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهذا في الواقع خطأ لأنه أكثر أهمية بالنسبة للصين من أي دولة أوروبية أو الولايات المتحدة.

من المؤكد أن الصين ليست بالجنون الذي يوحي به تفكير فون دير لاين المشوّش وينطبق الشيء نفسه على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي قلّل من أهمية الخلافات بين المملكة المتحدة والهند بشأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا خلال زيارته للهند أواخر الشهر الماضي، وبدلاً من ذلك أعلن عن إعلان تجاري بقيمة مليار جنيه إسترليني (1.25 مليار دولار) كصفقات بين البلدين.

ولم تذكر وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس التي سافرت إلى الهند في أواخر آذار الماضي الهند في خطابها في مانشن هاوس بلندن في 28 نيسان الفائت، وبدلاً من ذلك وجّهت أصابع الاتهام إلى الصين قائلة: “يجب على الدول أن تلتزم بالقواعد، وهذا يشمل الصين دون تحديد متى وأين لم تلتزم الصين بالقواعد”!.

وبقول تروس إن صعود الصين على مدى العقود الأربعة الماضية هو نتيجة رحمة الحكومات الغربية الجشعة والرأسماليين، يبدو أنها نسيت أن الصين تساهم في 30 في المائة من النمو العالمي لسنوات عديدة، ونسيت أيضاً أنه لم تعد السنوات التي استخدمت فيها بريطانيا دبلوماسية المدافع لفرض الأفيون على الشعب الصيني ومحاولة إخضاع الصين وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح.

لا توجد مقارنة بين الصين ودول مجموعة السبع التي كانت مراكز مرتكبي جرائم الحرب أثناء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق وأفغانستان والقصف وتغيير النظام في ليبيا.

لقد اتضح أن تقريع الصين هو اللعبة المفضّلة لبعض السياسيين الأوروبيين، لكنهم لن يستطيعوا خداع الناس بعد الآن باللجوء إلى الكيل بمكيالين والنفاق.