دراساتصحيفة البعث

من هو رئيس الوزراء الفرنسي الجديد؟

هيفاء علي

بعد مرور أكثر من أسبوعين على إعادة انتخاب ايمانويل ماكرون لولاية رئاسية ثانية، لايزال الغموض يلف هوية الشخص الذي سيخلف جان كاستكس في منصب رئيس الحكومة الفرنسية الجديدة، حيث تتداول التكهنات تعيين امرأة قادرة على توحيد الصفوف في هذا المنصب، وأخرى حول تولي أحد مقربي ماكرون هذه الحقيبة.

في السياق، أكد غابرييل عطال المتحدث باسم الحكومة أن حكومة جان كاستكس ستستمر في عملها لغاية انتهاء الولاية الأولى لماكرون، أي عند منتصف ليل 13 أيار، نافياً بذلك تعيين حكومة جديدة قبل نهاية هذا الموعد، وأضاف عطال بأن رئيس الحكومة المقبل سيهتم بالمسائل الاجتماعية والبيئية، وبمسألة الإنتاجية، كما سيسعى إلى سد الفجوة الاجتماعية والاقتصادية التي تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم، ويدور الحديث في أوساط مقربة حول ميل ماكرون إلى فكرة تعيين امرأة على رأس الحكومة الجديدة، لكن السيناريو لا يبدو سهلاً، فعلى سبيل المثال طرح اسم وزيرة العمل اليزابيث بورن، لكنها غير معروفة جيداً لدى الفرنسيين، ولا تحمل رسالة سياسية، بحسب أحد أعضاء البرلمان الفرنسي، ووفقاً لصحيفة “لوبارزيان”، فقد برز في الآونة الأخيرة اسم شخصية أخرى قد تتولى منصب رئيس الحكومة، وهي فيرونيك بيداغ التي كانت مديرة مكتب رئيس الحكومة السابق مانويل فالس قبل أن تصبح المديرة العامة للمجمع العقاري “ناكسيتي”، وبحسب المراقبين الفرنسيين، هناك أسماء أخرى مطروحة لتولي منصب رئيس الحكومة الفرنسية على غرار كريستال مورانسي، رئيسة منطقة لالوار، المحسوبة على حزب الجمهوريين، وكاترين فوتران، وزيرة اللحمة الاجتماعية في عهد الرئيس جاك شيراك، ورئيسة المجمع الحضري لرينس، بالإضافة إلى وزيرة البيئة في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، نتالي كوسيسكو موريزيه، ولكن دون أن تؤكد هذه الفرضيات مواقف موحدة وغالبة.

علاوة على ذلك، يبدو أن السيناريو الطاغي يتمثل في اختيار شخصية تكنوقراطية تعرف جيداً دهاليز السلطة، ولا تملك طموحات سياسية، لأن شخصية سياسية قد تسعى لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في 2027 ستلقي بظلالها على ماكرون الذي لا يمكنه الترشّح للمرة الثالثة على التوالي، وفي حال تم تعيين شخصية تكنوقراطية، عندها يمكن أن يحتل وزير الزراعة الحالي جوليان دونرموندي رئاسة الحكومة، فهو مقرب من ماكرون، وكذلك يمكن أن يتولى هذا المنصب الأمين العام للاليزيه ألكسي كوهلير بعد أن لعب دوراً محورياً خلال العهدة الرئاسية الأولى لماكرون.

وفي السياق ذاته، أكد أحد الوزراء أنه نظراً للاضطرابات الاجتماعية البارزة في الأفق، من مشروع إصلاح نظام التقاعد إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين الفرنسيين، يجب تعيين شخصية سياسية قادرة على مواجهة التحديات، ومستعدة لإمكانية إزاحتها من المنصب بعد ستة أشهر فقط من تعيينها، لأن الإصلاحات الاجتماعية ستكون صعبة، بمعنى آخر شخصية تلعب دور الدرع لحماية الرئيس.

من جهة أخرى، قد يشكّل تعيين رئيس حكومة جديد ينتمي إلى معسكر اليمين، على غرار وزير الاقتصاد الحالي برونو لومير، فرصة لماكرون للاستمرار في استقطاب مؤيدي حزب “الجمهوريين” لتعزيز صفوف حزب “الجمهورية إلى الأمام” الذي أسسه، وقد يسمح له أيضاً بعرقلة صعود رئيس الحكومة السابق ادوار فيليب إلى واجهة الساحة السياسية الذي كان قد غادر ماتنيون في 2020 مكللاً بشعبية تتجاوز آنذاك تلك التي كان يحظى بها ماكرون، لكن ترقبات الفرنسيين كبيرة بشأن القدرة الشرائية والمسائل البيئية، وهذه التحديات قد تدفع البوصلة نحو اليسار، بحسب المراقبين.

رغم ذلك، يؤكد أحد المستشارين في الحكومة الحالية أنه يبدو من الصعب إيجاد شخصية سياسية من معسكر اليسار لتولي رئاسة الحكومة، بما في ذلك حزب البيئة (الخضر) الذي أشار أحد الكوادر المقرب من ماكرون إلى اتساع الفجوة السياسية معه بسبب الخلاف حول الملف النووي مع إيران، فزعيم حزب الخضر “يانيك جادو” لا يملك الخبرة التقنية الضرورية لتولي المنصب.

ويرى مسؤول آخر في حزب “الجمهورية إلى الأمام” أنه لم يبق على الطاولة سوى اسم باسكال كانفان، رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي لتولي منصب رئيس الحكومة المقبلة باعتباره الشخص الذي “أسس نظرية الخطة البيئية” التي اعتمدها ماكرون شعاراً، وأضاف وزير آخر أنه لدى ماكرون فكرة حول رئيس الحكومة الجديد، وحتى عن أعضاء هذه الحكومة، لكنه يريد فقط كسب الوقت ليقلص فترة الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية، وخلافاً عن 2012 و2017، سيتم تنظيم الانتخابات التشريعية بعد سبعة أسابيع فقط من نهاية الانتخابات الرئاسية، وقصر هذه الفترة قد ينعكس سلباً على النفس الجديد المرتجى من الحكومة المقبلة في بدايات ولاية ماكرون الثانية.