دراساتصحيفة البعث

التضخم في الولايات المتحدة إلى معدلات قياسية

عائدة أسعد 

إن التعريفات في التجارة بين الدول سيف ذو حدين، وعندما تفرض إحدى الدول تعريفات جمركية على الأخرى لأغراض حمائية نادراً ما يكون هناك فائز صاف أو خاسر صاف إن حدث ذلك.

غير أن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة دونالد ترامب مدفوعة بمنظورها بشأن العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة والعلاقات الثنائية الشاملة تجاهلت الفطرة الاقتصادية والتجارية، وفرضت تعريفات عقابية على البضائع الصينية، وذلك على الرغم من الدعوات الصاخبة من المهتمين في كلّ من الصين والولايات المتحدة لإزالتها، وبدلاً من ذلك قامت إدارة جو بايدن بدعمها إلى حدّ كبير، معتقدةً أنها تخدم مصالح الولايات المتحدة.

ولكن كما جادل العديد من الاقتصاديين والمطلعين في قطاع الأعمال، هناك ثمن يتمّ دفعه، وهذا السعر محسوس بشدة الآن، وخاصة مع وصول التضخم إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة. فقد أقرّ الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء حديثه عن الضغوط التضخمية مؤخراً بأن التضخم مرتفع بشكل غير مقبول، ويشكّل التهديد الأول للقوة الاقتصادية الأمريكية، وأن إسقاطها يمثل أولويته الاقتصادية القصوى.

ولم يحسب بايدن أن الحرب التجارية التي ورثتها حكومته عن الإدارة السابقة هي السبب الحقيقي للمشكلات الاقتصادية الحالية للولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك ألقى باللوم على الوباء والصراع الروسي الأوكراني باعتبارهما دافعين رئيسيين للتضخم المرتفع منذ 40 عاماً. لكن المرونة المحتملة التي تشير إليها إدارته فيما يتعلق بمسألة التعريفات الجمركية على السلع الصينية هي علامة مرحّب بها على عودة محتملة إلى الفطرة الاقتصادية السليمة، والتي لن تفيد كلا البلدين فحسب بل العالم بأسره.

إن الاقتصاديين ومجتمعات الأعمال يؤيدون الإزالة الكاملة لهذه التعريفات لأسباب وجيهة، بعد وجود أدلة كافية على فشلها، وارتداد تأثيرها على الشركات الأمريكية، وكذلك على المستهلك الأمريكي العادي، حيث خسرت الشركات الأمريكية، نتيجة للحرب التجارية، أكثر من 1.7 تريليون دولار، وأنفقت العائلات الأمريكية 1300 دولار إضافية كل عام، وفقدت الولايات المتحدة أكثر من 240 ألف وظيفة.

وفي حين أن معالجة الوباء، وعوامل أزمة أوكرانيا التي أدّت إلى ارتفاع التضخم، تبدو أبعد من قدرات إدارة بايدن لأسباب مختلفة، يعلم الجميع أن إزالة هذه التعريفات -التي تعدّ عقابية لكلا الجانبين- ستساهم بشكل كبير في خفض الضغوط التضخمية.