رأيصحيفة البعث

حلقة جديدة في سلسلة الإخفاقات الأمريكية في سورية

علي اليوسف

من الطبيعي أن يكون وراء قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إعفاء ميليشيات “قسد” من عقوبات ما يُسمّى “قانون قيصر”، ومنح رخص عامة لتسهيل الاستثمار الاقتصادي في مناطق سيطرة تلك المجموعات الانفصالية، أبعاد سياسية واقتصادية، أهمها خلق سلطة الأمر الواقع. هذا الاستثناء لا شك يحمل في مضامينه حلقة جديدة من المؤامرة على سورية، إذا ما أخذنا بالاعتبار أن ميليشات “قسد” لا تزال الشريك “فوق العادة” للولايات المتحدة في تنفيذ أجنداتها في المنطقة، وحصر العقوبات في مناطق سيطرة الدولة السورية.

وبنظرة إلى خبايا القرار الأمريكي الجديد، من الواضح أن أيادي بريت ماكغورك -منسق شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي- واضحة جداً في هذا الاستثناء، خاصة وأنه يعتبر من أهم الحلفاء لميليشيات “قسد”، ومن أكبر المؤيدين والداعمين لها لدى الإدارة الأمريكية، ليصبح المخطط واضحاً عبر زيادة العمل على تثبيت النزعة الانفصالية لدى “قسد”، وسلخها اقتصادياً عن الدولة السورية.

وما دام النفط  هو الأهم  في هذه المؤامرة، فمن المؤكد أنه سيتمّ تحويل النفط السوري من مادة يتمّ تهريبها عبر القوات الأمريكية المحتلة إلى استثمار ترعاه الشركات النفطية الأمريكية، ومن هذه الشركات “ديلتا كريسنت إنيرجي” التي وقّعت في تموز 2020 عقداً مع “قسد” ينصّ على صيانة وتطوير وتحديث الحقول النفطية. وهذه الشركة كانت فاوضت الإدارة الامريكية على ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي بهدف العمل في سورية، إلا أن إدارة مراقبة الأصول الأمريكية لم تلغ العقد، بل طلبت التريث، و الآن بعد الاستثناءات أحكمت الإدارة الأمريكية السيطرة على النفط السوري الذي تنتشر معظم حقوله في محافظتي دير الزور والحسكة.

هذه المؤامرة ليست جديدة، وليست مفاجئة، والكل يعلم أنه منذ أيار 2020 عملت الإدارة الأمريكية مع ميليشيات “قسد” لرفع ما يُسمّى “قانون قيصر” عن مناطق تواجدها، بهدف إفشال أي محادثات بين الدولة السورية، وتعميق الهوة بين الجانبين، وبالتالي تعزيز دور الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لتكون صاحبة اليد العليا في رسم خرائط تحريضية على الانفصال في سورية.

لذلك، هذا القرار وسيلة جديدة من وسائل العدوان على سورية، لأن أهدافه مختلفة عما كانت عليه أهداف العدوان في مراحله السابقة. وباعتبار أن أطراف العدوان فشلت في تحقيق تلك الأهداف (تفتيت سورية)، فمن المؤكد أن مصير هذا القرار الجديد الفشل، ولن يعدو كونه حلقة جديدة ستضاف إلى سلسلة الإخفاقات الأمريكية في سورية، لأن الأطراف المشاركة في هذه المؤامرة تدرك تماماً أنها عاجزة عن تحقيق الأهداف ذاتها في عدوانها الجديد.