أخبارصحيفة البعث

اسكتلندا ترغب في الاستقلال عن بريطانيا.. هل بدأ التقسيم؟

تقرير إخباري

بعد أن حذّرت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية مؤخراً من أن الحظر المفروض على النفط الروسي يهدّد شرق ألمانيا بعواقب اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة، الأمر الذي ينبئ بإمكانية تقسيم الدول الأوروبية مجدّداً، وهذه المرة على خلفية الموقف من النتائج الكارثية للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا على اقتصادات بعض الأقاليم الأوروبية، يدور الحديث في القارة العجوز مجدّداً عن سعي بعض الأقاليم للاستقلال عن البلد الأم مستغلّة تداعيات الأزمة الأوكرانية، حيث أعلنت الوزيرة الأولى لاسكتلندا، نيكولا ستيرغون أن الأزمة الأوكرانية تجعل حملة استقلال اسكتلندا أكثر أهمية، وأن هناك دعماً كبيراً في بلادها نحو الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

هذا الدعم سيؤهلها لتصبح دولة مستقلة وتنضم إلى الناتو، ما يعني أن الانضمام إلى الحلف هو الذي سيمكّنها من إعلان الاستقلال عن المملكة المتحدة، وبالتالي فإن النزعة الانفصالية لعدد من الأقاليم الأوروبية ستعود إلى الواجهة مجدّداً، حيث إن هناك مجموعة من الأقاليم الأوروبية التي خاضت صراعاً مسلّحاً مع البلد الأم في سبيل الحصول على الاستقلال وتقرير مصيرها، ومن هذا الأقاليم كتالونيا والباسك في إسبانيا، وجزيرة كورسيكا الفرنسية في البحر المتوسط، وإقليم فلاندرز البلجيكي الذي يتحدث سكانه الهولندية، وجزر ألفارو الدنماركية الواقعة شمال المحيط الأطلسي.

فإذا كانت اسكتلندا تستغل طموح الناتو إلى مزيد من التوسّع في الإعلان عن رغبتها في الاستقلال، مستفيدة حسب وزيرتها الأولى من موقعها الجغرافي وثروتها النفطية في بحر الشمال، فإن مزيداً من الأقاليم سيجترح ذرائع للاستقلال عبر الانضمام إلى الناتو، أو عبر عدم قدرة الإقليم الذي يتمتع غالباً بحكم ذاتي على التكيّف مع العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، كما يحدث في الشرق الألماني، فضلاً عن الأقاليم التي تقطنها أغلبية عرقية تنتمي إلى دول خارج الاتحاد كما هو الأمر بالنسبة إلى مولدوفا أو لاتفيا.

من هنا تأتي خطورة الإصرار الأمريكي على دفع الأوروبيين إلى القطيعة مع روسيا، حيث يمكن أن يؤدّي مزيد من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، إلى انهيار كامل في منظومة الأمن الاقتصادي الأوروبي، الأمر الذي يشير بدوره إلى إمكانية نشوب قلاقل في هذه البلدان على خلفية ارتفاع معدّلات التضخم، وبالتالي وضعها بين خيارين لا ثالث لهما، إما البحث عن الاستقلال عن البلد الأم على خلفية نزعة انفصالية موجودة أصلاً، أو الانضمام إلى المعسكر الذي تمثله روسيا وخاصة بالنسبة إلى الأقاليم في أوروبا الشرقية، وبالتالي شرعنة تقسيم أوروبا مجدّداً، إلى شرقية وغربية، وهذا بالضبط ما حذّر منه الروس مراراً، ولكن المسؤولين الأوروبيين ينصتون دائماً إلى مشاعر الحقد التي تحكمهم ويعملون على مراكمة العقوبات دون النظر في تأثير هذه العقوبات في مجتمعاتهم.

طلال ياسر الزعبي