مجلة البعث الأسبوعية

مع الوعود والتصريحات “السياحية” منتزهات شعبية ترسم خارطة “ذاتية” بعيداً عن خارطة السياحة الورقية !

البعث الأسبوعية – علي حسون

تشهد الحركة السياحية  الداخلية في محافظة ريف دمشق نشاطاً ملحوظاً لاسيما بعد عودة الأمن والأمان إلى ربوع الوطن ، إذ ازدادت الرحالات السياحية على مقاصد الاصطياف في المحافظة لاسيما مناطق وبلدات ريف دمشق “بيت جن و حينة وعرنة وغيرها من المصايف الجميلة التي تجذب المواطنين من مختلف المحافظات.

نشاط متنام ينسجم مع الظروف المعيشية الصعبة حيث يجد المواطنون مطلبهم  في المنتزهات الشعبية كونها تساير الوضع المعيشي وبأسعار مناسبة.

365نبعاً

ويتواجد في  مناطق جبل الشيخ المنتزهات والمطاعم السياحية الشعبية بين أحضان الطبيعة الخلابة وخاصة بلدة عرنة التي ترتدي الأبيض شتاءً وتتزين بالتفاح والكرز والينابيع العذبة صيفاً وكما يتغنى بها شعراء الزجل باللهجة المحكية ” يلي تحب الصيفية وقاصد بسط وكيفية تعا تفرج عا عرنة هالعروس المجلية” .

هذا الغزل ببلدة عرنة لم يأتي عن عبث بل فرضته الطبيعة الجميلة وبساتينها المثمرة وينابيعها المتدفقة إذ يوجد فيها 365 نبعاً على مدار السنة بعضها جف وبعضها الآخر مازال يغذي الأراضي الزراعية والبيوت ،فالطبيعة الساحرة التي تتمتع بها عرنة من تنوع أشجار مثمرة ومياه عذبة  والجبال والغابات والثلوج في الشتاء والتي تحتضن السفوح القريبة حتى أواخر الربيع إضافة إلى ارتفاعها وقربها من دمشق جعلت منها إحدى القرى السياحية التي يقصدها الناس للتمتع بهوائها العليل والهدوء منذ عشرات السنين

خلفت المكاتب

ورغم دخول عرنة منذ سنوات ضمن الخارطة السياحية في الوزارة ،بما تتمتع به من أجواء جاذبة إلا أن مديرية السياحة بالمحافظة لم تحرك ساكناً تجاه تشجيع السياحة وخاصة أن تلك المنتزهات قامت بجهود مجتمع محلي بحت ،إذ رمى أصحاب تلك الاستثمارات البسيطة خلف ظهورهم كل الوعود والتصريحات “السياحية ” من المعنيين حسب تأكيدات من التقيناهم من أصحاب تلك المنتزهات ،معتبرين أن المعنيين يتغنون من خلف مكاتبهم بالسياحة الريفية وجمال الطبيعة الخلابة ولكن على الأرض لا يجيدون أي تسهيلات تذكر.

وطالب أصحاب المنتزهات بتدخل المحافظة ومديرية السياحة والاهتمام بتلك المقاصد السياحية من ناحية تأمين وسائل النقل للمواطنين الذين يقصدون المنطقة من كل المحافظات ،إضافة إلى تسهيلات مصرفية من ناحية القروض الميسرة من أجل تطوير المنشآت السياحية  لاسيما أن السياحة إلى عرنة تشهد  إقبالاً كبيراً  ولا سيما خلال أيام العطل والأعياد على زيارة وارتياد الأماكن الطبيعية التي تعد متنفساً طبيعياً لهم ومن أهم نقاط الجذب السياحي في المحافظة، معتبرين أن هنا في المنتزهات يتلاقى السوريون من جميع الأماكن في حضن الطبيعة ليشكلوا لوحة فسيسفائية تضيف جمالاً على جمال المكان .

منشآت ورقية

واستذكر بعض الأهالي زيارة وزير السياحة والمعنيين منذ 3سنوات إلى المنطقة ووقتها أطلقت الوعود و حددت أكثر من أرض ليبنى عليها منشآت سياحية بعد تقديم كل الدعم من الوزارة وفق كلام الوزير آنذلك ،ليتساءل الأهالي أين وصلت تلك الوعود وماذا عن التسهيلات  لتلك المنشآت التي مازالت على “الورق “؟!.

 

وكان وزير السياحة والمعنيين قد زاروا المنطقة منذ 3سنوات وأشار وقتها الوزير إلى أكثر من أرض تصلح منشأة سياحية  واعداً بتقديم كافة التسهيلات لأصحاب المشاريع للنهوض بها .

وبعد التواصل مدير السياحة المهندس وائل كيال من أجل معرفة ماذا عن اجراءات المديرية لتنشيط السياحة بالمحافظة وماذا عملت على أرض الميدان ؟،إلا أن المهندس كيال اعتذر عن الإجابة بسبب انشغاله باجتماع مع المحافظ طالباً منا تأجيل الموضوع لساعات ولكن حتى تاريخه لم نلقى رداً منه سوى الاعتذارات  بالرسائل رغم اتصالنا به أكثر من مرة ،مستغربين هذا التصرف لاسيما أنه كان متعاوناً معنا في أكثر من مرة .

تصريحات مكررة

ومع تعذر التواصل مع مدير السياحة كان لابد لنا أن نعود إلى تصريحات سابقة لنا ولوسائل إعلامية آخرى وخاصة أنها تصريحات مكررة من عام إلى عام ،إذ دائماً يؤكد المعنيون   أن المديرية بصدد إنهاء الخارطة الاستثمارية والتي ستضم مواقع المنشأت السياحية العاملة والفرص الاستثمارية في المحافظة إضافة إلى تحديد مقومات ومناطق الجذب السياحي حيث قامت المديرية بالتنسيق مع الجهات المعنية كجهات مالكة بالكشف عن المواقع واقتراح التوظيف السياحي الأمثل لتلك المواقع .

 

كما تقوم المديرية بالتنسيق مع وزارة السياحة ومحافظة ريف دمشق بتأمين المناخ الاستثماري المناسب لجذب وتوظيف رؤوس الأموال الداخلية والخارجية في صناعة السياحة والعمل على إعادة تأهيل الخدمات والبنى التحتية للمرافق السياحية بما فيها البيئة المحيطة والتركيز على تدريب وتأهيل الكوادر السياحية الفندقية وأكسابها الخبرة اللازمة لرفدها في السوق السياحية المحلية وتقييم واقع المشاريع الاستثمارية المتعثرة لمعالجة واقعها وإنهاء التعثر،وضرورة تفعيل محور الترويج والتسويق السياحي بإعداد فواصل ومواد ترويجية عنها فضلاً عن الدراسات التي أعدتها المديرية حول كيفية استثمار محيط السدود والمحميات والمناطق الحراجية كمقاصد للسياحة الشعبية مع الحفاظ على حرمها ضمن قانون التشريع المائي بالتعاون مع الجهات المعنية .

واعتبر  مدير السياحة  أن موضوع منح القروض الميسرة مطروح من ضمن التسهيلات الممنوحة للمستثمر، لافتاً إلى أهمية محور ريف دمشق السياحي وغناه بمقومات السياحة الدينية والشعبية والأثرية، وضرورة استثمار هذه المقومات وتوظيفها بالشكل الأمثل لعودتها كأهم المقاصد السياحية.

وبعيداً عن تلك التصريحات المشجعة يبقى أصحاب تلك المنتزهات يجتهدون وفق الإمكانيات المتاحة لتفعيل الموسم السياحي ورسم خارطة سياحية خاصة بهم “خارطة ذاتية” ريثما تتبلور الخارطة السياحية الحكومية .

عشق للأرض

يشار إلى أن بلدة عرنة  تقع  جنوب غرب مدينة دمشق بمسافة 55 كيلومترا وترتفع عن سطح البحر 1400 متر يحضنها جبل الشيخ تتوضع على تلة صغيرة تتلاصق بيوتها القديمة جنباً إلى جنب كالبنيان المرصوص نجد التعاون بين أهلها لمواجهة الطبيعة.

ويتحدث المواطن حسين مسعود ” عن عرنة وأهلها وعشقهم للأرض  وابتلال  عرق جباهم بتربة الأرض ليجعلوا منها جنة وارفة بأشجارها المثمرة ليغرس لأبنائهم وينعمون بخيراتها التي ما بخلت بعطائها الدائم ، مشيراً إلى الآثار القديمة بدءاً من قصر شبيب التبعي في قمة جبل الشيخ الذي يرتفع إلى 2814 متراً عن سطح البحر.