صحيفة البعثمحليات

غصّة وحسرة!

غسان فطوم  

يبدو أن مؤتمرات الاتحادات والنقابات، سواء الانتخابية أو السنوية، ستظل مجرد “مناسبات” أو “محطات”، كما يحلو للمعنيين وصفها، وذلك للتذكير بالحال المرير لأعضائها دون أن تنجح بالضغط على الجهات صاحبة القرار بتلبية ولو القليل من المطالب المحقة التي على ما يبدو ستبقى حسرة وغصة مؤلمة في قلوب أصحابها طالما بقيت آلية التعاطي مع تحصيل الحقوق تعتمد على الاستجداء!

هذا الكلام لا يخص أو يعني نقابة محددة، وإنما يكاد ينطبق على كل النقابات والاتحادات التي لم تستطع بعد الخروج من شرنقة الشكل النمطي الكلاسيكي في إدارة الملفات الساخنة، حيث أدمنت الشكوى خلال المؤتمرات عبر المداخلات المرتجلة والمكتوبة، وافتقرت توصياتها لقوة تحصيل حقوقها المشروعة التي تصطدم بحجج واهية لم تعد مقنعة وذات جدوى.

هذا الشكل من العمل النقابي يفتح الباب واسعاً لعشرات الأسئلة حول آمال التغيير والتطوير المنتظرة، ولعل السؤال الأبرز: هل المشكلة في طريقة الاختيار، أم في اللامبالاة المستفزة بترجمة التوصيات إلى أفعال حقيقية؟!

للأسف، تثبت الممارسات العملية على مدى سنوات طويلة من العمل النقابي أنه لا توجد بيئات مناسبة ومحفزة في العديد من النقابات والاتحادات. وبشهادة وتجربة الكثير من أعضائها، غالباً ما يكون التنافس على الامتيازات كالسفر خارج البلد لحضور المهرجانات والمؤتمرات، والحصول على المكافآت المالية، والطمع بمناصب أعلى في المستقبل، أما تطوير العمل النقابي والارتقاء به، والدفاع عن حقوق ومصالح الأعضاء فيأتيان كتحصيل حاصل، أو في المرتبة الثانية ضمن أجندات العمل. ولعل من يطلع على تقارير عمل المؤتمرات يلاحظ بوضوح الكم الهائل من الحشو في الكلام، واستعراض أرقام ومطالب تُكرر في كل مؤتمر، ودائماً المبررات حاضرة.

بالمختصر، آن الأوان للنقابات والاتحادات أن تنفض غبار الكسل، وتبتعد عن متاهات التكتلات الشخصية، وتنتقل من مرحلة ساعي البريد وتسطير الكتب الورقية إلى التنفيذ العملي لمطالب أعضائها بعيداً عن التبريرات والأعذار التي باتت مكشوفة، وهذا بلا شك يحتاج أولاً لتغيير الذهنية في معالجة القضايا، واستمرار التقييم والتقويم بما يحقق الأهداف التي تتصدر الصفحة الأولى في نظامها الداخلي الأنيق، لتتحول إلى واقع ملموس بالعمل الجاد، سواء خلال سنوات العمر الوظيفي، أو في مرحلة التقاعد حتى لا يشعر العضو بالعوز والحاجة، وهو المتعب بالأساس من صراخ التصريحات الرنانة، وثقل الوعود المعسولة!

gassanazf@gmail.com