صحيفة البعثمحليات

يوميات!!

وائل علي 

انقلبت حياتنا وموازينها وأولوياتها، وتدحرجت كرتها وكبرت، بعد أن استوطنتها الهموم وسكن الحزن أعماق النفوس، حزن الفقدِ وخسارة الأحبة وغيابهم وتفرقهم بفعل الحرب، وما زرعته من أبجديات الخوف والقلق والاكتئاب وعدم الاستقرار الذي يهدّد أجيالنا وشبابنا ومستقبلنا!.

لقد تحوّلت حياتنا لكتلة من الصعاب والتحديات واللهاث وراء لقمة العيش، والنور والعتمة وتقنين الكهرباء وساعات الوصل، ورغيف الخبز  والنقل، والمقننات التموينية والنفطية والسعي للبقاء ضمن دائرة ما يسمونه – اصطلاحاً – شريحة مستحقي الدعم التي تضيق وتتقلص بعد التخلي المفاجئ عن الحضن الأبوي، ومتابعة رسائل (sms) الغاز المنزلي ومازوت التدفئة والبنزين والمقننات التي “تمنّ” بها الحكومة علينا، وتأمين مصادر دخل إضافية مساعدة بالقروض الميسرة أو الصعبة وغيرها من الوسائل، وضمان تغطية نفقات الاستشفاء وملحقاته وعلاجاته للمشتركين بالتأمين، ولباقي الشرائح كلام موجع آخر..
لقد تراجعت أحلامنا وضاقت وتركزت على لقمة العيش، ونسينا العقل ومغذياته وروافده الفكرية والثقافية، وغابت عن أجنداتنا الأماسي الثقافية والصالونات الأدبية والمراكز الثقافية ونشاطاتها المسرحية والموسيقية، وأغلقت دور السينما بعد هجرة مرتاديها، وسيطرت ثقافة الغيبيات وارتياد شبابنا للمقاهي وتناول الأركيلة ولعب “التريكس” وأخواته، ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي لحظة بلحظة، وتسطيح وتهميش مفاهيمنا القيمية والفكرية والأخلاقية والتراثية في ظل الفراغ الرسمي الذي يرصد ويتابع ويضع الحلول والمعالجات والاستراتيجيات، وانقسم المجتمع بين تموضعين: الفقر المدقع البغيض والثراء الفاحش الفاجر، وكلاهما لا يرحم.. والسؤال لماذا؟.
ومن المؤسف أن أجيالاً ذهبت وأجيالاً أتت وتأتي، وفي مخيلتها ووجدانها وهواجسها يعشّش مصطلح “عبارة التقنين”، تقنين كل شيء حتى الحقوق التي تتسع وتتعاظم على حسابها الواجبات التي تنوء تحت ثقلها الراسيات لكثرتها! 
ترى هل الحرب وحدها هي المسؤولة؟ أم أن هناك ما هو أصعب وأشد فتكاً وضراوة منها أوصلنا إلى هذه المواصيل؟ ولاسيما أننا نمتلك الإرادات والمعطيات والمقومات والمقدرات، لكن ينقصنا بالتأكيد حسن إدارتها بالشكل الأمثل وتغيير الذهنيات!!