ثقافةصحيفة البعث

اليوم العالمي للمتاحف.. بين الواقعي والافتراضي

حلب- غالية خوجة

احتفلت حلب الشهباء باليوم العالمي للمتاحف المصادف لـ 18 أيار من كلّ عام، من خلال ندوة “المتاحف ثروة ثقافية واقتصادية للوطن والإنسانية” التي أقامتها مديرية الثقافة وجمعية العاديات على مسرح دار الكتب الوطنية بحلب.

إجراءات حمائية عاجلة

ابتدأ الآثاري أحمد عثمان، مدير المتحف الوطني بحلب، الحديث عن متحف حلب عيْر العصور، وأهميته في خارطة المتاحف العربية والعالمية، وكيف قاوم الدمار الإرهابي، لافتاً إلى عدة نقاط على صعيد التنظيم وإشكالات العمل على أرض الواقع، مثل منع تسرب المياه إلى المتحف كونه قريباً من نهر قويق لتخفيف آثار الأضرار عن محتويات المتحف القيّمة، وكيف خرجت إشاعات عديدة مسّت المتحف، وتمّ تجاوزها مع الصعوبات الأخرى من خلال اتخاذ الإجراءات العاجلة والضرورية لحماية هذا المتحف أثناء الحرب، مؤكداً أن أهم التوصيات هي معرفة قيمة المتحف وفرادته والاهتمام به، لأن تراثنا هويتنا الإنسانية المحلية والعالمية.

لغة توثيقية واقتصادية

وبدوره ركّز المحاضر الباحث الدكتور الآثاري حسان حاج يحيى، رئيس قسم الآثار في كلية الآداب بجامعة حلب، على أهمية المتاحف كثروة ثقافية واقتصادية للوطن والإنسانية، لافتاً إلى دور متحف حلب بحماية الآثار التي يضمها وتعدّ بالآلاف، لذلك، وكوننا في زمن المعلوماتية، لا بد من توثيق اللغة الأثرية من خلال المتحف الافتراضي إلى جانب المتحف الواقعي كأساس، لتكون آثارنا موثقة على الشبكة الإلكترونية، للاستثمار من خلال المشاهدة والاطلاع المعلوماتي، وهذا ما طرحه المؤتمر الأول لمجلس المتاحف الدولي عام 1997 في لوس أنجلوس، موصياً جميع متاحف العالم بتسجيلها في المواقع الفضائية، لينتقل الموروث الإنساني من محليته ويصل إلى شعوب العالم، ويكون مورداً اقتصادياً ومعرفياً، كما أنه يساهم في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على الزيارة الافتراضية والتعرف إلى التراث المادي والمعنوي، ومن الممكن أن يهيئ جيلاً جديداً من الصغار والأطفال والشباب والطلاب ليتعرفوا إلى التراث ويحافظوا عليه، ومن المفروض أن يكون هناك تعاون بين مديرية المتاحف ووزارة الثقافة ومديرية التربية في هذا المجال.

بانوراما وملفات افتراضية 

وبمصاحبة بانوراما صورية وثائقية على شاشة العرض الإلكترونية، ذكر د. حاج يحيى عدة سمات للمتاحف الافتراضية، منها التفاعل المباشر مع الأثر بتعليق مثلاً، إعادة تهيئة تشكيل الأثر، وتحويل التراث إلى ملفات رقمية يحفظها الحاسوب ويتمّ تداولها عبْر الشبكة العنكبوتية، ولا بد من أن تكون عملية التوثيق متكاملة منذ لحظة اكتشاف الأثر والتأريخ، والوصف، والبعثة، والفن، والتأثير، ولا بد من الأمان كحصانة للمحافظة على التوثيق الرقمي. ثم أشار إلى نشاط السياحة الأثرية والثقافية في سورية منذ عام 2000، إضافة لجلب جميع البعثات الأثرية العالمية للتنقيب في سورية، مما جعل المكتشفات واللقى الأثرية تظهر بازدياد، وكذلك، وضمن اتفاقيات دولية، من الممكن نقلها إلى متاحف عالمية لعرضها، لأن سورية أرض الحضارات.

نزيف بين محراب الفردوس ومنبر الأموي

وتحدث المهندس محمد خير الدين الرفاعي، رئيس مجلس جمعية العاديات بحلب، كمدير للندوة ومشارك، عن دور الهيئات المجتمعية في الحفاظ على التراث، والمتاحف جزء مهمّ منه، من خلال عنوان فرعي آخر: جمعية العاديات ولجان التراث في نقابة المهندسين أنموذجاً، موضحاً دور جمعية العاديات كأعرق منظمة أهلية على مستوى العالم منذ تأسيسها، معرّجاً على دور لجان التراث في نقابة المهندسين السوريين، مساهمة وتطويراً وأنشطة، متسائلاً: لماذا لا تتحوّل بعض المعالم الأثرية إلى متحف للعلوم الطبيعية مثلاً؟ أين المشاريع؟ ولماذا في حلب مشاريع دون تدقيق؟ ألسنا بحاجة للتدقيق فيما يتمّ إعادة بنائه، كما أن الأسواق المستعادة تغلق أيام العطلة، لأن المباني التي تحيط بها غير مسكونة؟ وكيف نحافظ على أنقاض المواقع الأثرية من الدمار والسرقة؟ ولماذا افتقرت بعض المواقع الأثرية للحدّ الأدنى من الأمان وكانت أبوابها –مثلاً- ألمنيوم بـ”قفل وجوزة”؟! إلاّ أنه ورغم الظروف الصعبة، تمّ الحفاظ على آثارنا، وكيف ذهبنا إلى المعابد من جوامع وكنائس لنطلب من القائمين عليها المحافظة عليها أثناء الحرب التدميرية، مؤكداً: لن ننسى أن محراب الفردوس أجمل محراب في العالم بعد محراب قرطبة، ولن ننسى كيف حاول الشهيد مروان أن ينقذ منبر الجامع الأموي الكبير لكنّ القنّاص أصابه.