زواياصحيفة البعث

الخط الائتماني في الوقت المناسب

علي اليوسف 

عاد الخط الائتماني بين إيران وسورية إلى الحياة مجدداً، وبالتالي ضمان تزويد سورية بمواد الطاقة والمواد الأساسية الأخرى لسدّ النقص الحاصل في تلك المواد. هذه الطريقة في التعامل بين الأصدقاء في وقت الأزمات ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج طبيعي للسياسات الصائبة التي تتبعها الدول الصديقة عادة، فالعلاقات بين طهران ودمشق متجذّرة منذ أيام القائد المؤسّس حافظ الأسد.

واليوم، تُترجم تلك العلاقات على أرض الواقع من خلال افتتاح مرحلة جديدة من الخط الائتماني لمدّ سورية بالمشتقات النفطية، في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية السورية الإيرانية نمواً ملحوظاً، حيث سجّل التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعاً قد يصل إلى 500 مليون دولار في العام الحالي، حسب رئيس غرفة التجارة الإيرانية- السورية المشتركة كيوان كاشفي.

منذ عام 2012، بدأت التوجّهات لفتح خطوط ائتمانية. وفي كانون الثاني 2013 تمّ الاتفاق على فتح خط ائتماني بين المصرف التجاري السوري وبنك صادرات الإيراني بقيمة مليار دولار بفوائد ميسّرة، وفي أيار من العام نفسه تمّ افتتاح خط ائتماني آخر بقيمة 3 مليارات دولار لتمويل احتياجات البلاد من النفط ومشتقاته. وفي أيار 2015 اتفق المصرف التجاري السوري مع بنك صادرات الإيراني على فتح خط ائتماني بقيمة مليار دولار.

إن إعادة الروح للخط الائتماني لا تعني فقط سيولة مالية، بل تضمن أيضاً الدعم الاقتصادي، إلى جانب الكثير من اتفاقيات التعاون الاقتصادي التي تشمل مجالات حيوية أبرزها الكهرباء رغم العقوبات الدولية المفروضة.

لقد أسهمت العقوبات الأمريكية اللاشرعية أحادية الجانب، أو ما يُسمّى “قانون قيصر”، والتأثير الإضافي للحرب في أوكرانيا في أزمة الوقود، وفي ارتفاع أسعار السلع والحاجات والمواد الغذائية، حيث دخلت سورية خلال العام الماضي وبداية العام الحالي مرحلة حرجة في أزمة الوقود ومواد الطاقة بعد توقف وصول النفط الإيراني، وانخراط موسكو في الحرب الأوكرانية.

من هنا، جاء توقيت إعادة الروح للخط الائتماني في الزمان المناسب، وتحديداً عندما قرّرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إعفاء ميليشيات “قسد” من عقوبات ما يُسمّى “قيصر”، ومنح رخص لتسهيل نشاط الاستثمار الاقتصادي في مناطق سيطرة تلك المجموعات الانفصالية، وما يتبعه من نشاطات لسرقة النفط السوري، وذلك مقابل حرمان الدولة السورية من الاستثمار في مواردها الطبيعية التي تكفي لسدّ العجز الحاصل على مساحة الأراضي السورية، ومنعها من استيراد النفط من دول عربية عبر القطاع الخاص، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، وعلى من يتعامل معها.

إذا كانت الإدارة الأمريكية تسعى من خلال عقوباتها الظالمة على الحكومة السورية، إلى تشديد الخناق على الشعب السوري ودفعه إلى أحضان الفقر، فإن إعادة تفعيل خط الائتمان الإيراني تصبح بمنزلة رصاصة قوية على هذا المشروع الرامي إلى فرض الاستسلام على الدولة السورية، وإلغاء أي إمكانية لفرض الشروط عليها.