دراساتصحيفة البعث

قاعدة “التنف” غير الشرعية لتصدير إرهابيي أمريكا

علي اليوسف

منذ أن أنشأت قوات الاحتلال الأمريكي قاعدة التنف غير الشرعية في سورية، كان الجميع يدرك أنها ستكون معسكراً تدريبياً لعناصر متطرفة سيتمّ استخدامها وتدويرها في أماكن نزاع محتملة توقدها الولايات المتحدة لأهداف أمنية وعسكرية، كما في أفغانستان وليبيا وقبلها العراق. ومع بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، حان موعد تشغيل تلك العناصر المتطرفة المدرّبة على أيدي الخبراء الأمريكيين لاستخدامهم في أوكرانيا ضد الجيش الروسي.

وكما هي العادة، تبدأ الدعاية الأمريكية بضخّ أنباء كاذبة تمهيداً لعمل سريّ تنوي القيام به، وبالفعل انتشرت على وسائل الإعلام الأمريكية معلومات عن استقدام روسيا مقاتلين من سورية، وشاركتها في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي المعارضة، وكأن أول جيش في العالم بحاجة إلى مقاتلين يساندونه في القتال!.

لاحقاً، انكشف هذا التضليل –ليست المرة الأولى- عندما نشر جهاز المخابرات الخارجية الروسي بالوثائق أن الولايات المتحدة تقوم بتجنيد مسلحين من سورية، بمن فيهم إرهابيو تنظيم “داعش” للمشاركة في المعارك في أوكرانيا بعد تدريبهم في قاعدة التنف الأمريكية غير الشرعية في سورية. الوثائق الروسية ليست بروباغندا على الطريقة الأمريكية، بل هي مشفوعة بأدلة تحدّد أنه في هذا “التجمع الإرهابي تمّ تدريب ما يصل إلى 500 مقاتل داعشي موالٍ للولايات المتحدة وإرهابيين، وأن الأولوية تُعطى لمواطني دول القوقاز وآسيا الوسطى”.

وما دامت الإدارة الأمريكية أمرت بفتح قاعدة التنف غير الشرعية لتدريب الإرهابيين، فإنه من الطبيعي أن تفتتح الجماعات الإرهابية الموالية للنظام التركي شمال سورية مكاتب خاصة لتجنيد إرهابيين وإرسالهم إلى أوكرانيا، بالتزامن مع بدء عمليات شحن إرهابيين من قاعدة التنف غير الشرعية للقتال في أوكرانيا كمرتزقة مقابل رواتب مالية كبيرة على غرار المرتزقة السوريين الذين تمّ إرسالهم إلى ليبيا وأذربيجان.

هذا المخطّط متشابه إلى حدّ التماثل بين النظام التركي والإدارة الأمريكية اللذين اشتركا في اللعبة نفسها عندما شرّعا الأبواب لتجنيد وتصدير الإرهابيين إلى سورية، لذلك هذا التنسيق لم يكن ليتمّ لولا لقاءات قام بها ضباط استخبارات أتراك يرافقهم عدد من ضباط الاستخبارات الأمريكية والأوكرانية، مع قياديين في الفصائل الإرهابية شمال حلب، وقياديين من ميليشيات “قسد” لإعداد دفعات من المقاتلين وإرسالهم إلى جبهات القتال لمؤازرة الجيش الأوكراني.

هذا يعني أنه عندما دخلت القوات الأميركية إلى عدة مناطق في سورية بهدف إقامة قواعد عسكرية غير شرعية، اختارت التنف لما لها من أهمية خاصة، شأنها شأن البادية السورية (المكان المفضّل لعناصر داعش) في أجندات واشنطن، وقد حان الوقت لتحويلها إلى معسكر لتصدير الإرهاب، ولكن هذه المرة إلى روسيا. وعليه لا يُستبعد الربط بين المقاتلين من القوقاز وآسيا الوسطى الذين تمّ استجلابهم إلى سورية ليكونوا في المستقبل أدوات أخرى في يد واشنطن ضد روسيا، أي أن المخطّط الذي وضعته الدولة العميقة في الولايات المتحدة كان هدفه الأساسي ليس ضرب سورية وإيران فقط، بل ضرب روسيا في عقر دارها بعد أن فشلت الخطة الأولى في ضربها على الأراضي السورية.

هذا البرنامج تتبعه الإدارة الأمريكية لمحاربة كثير من أعدائها، وينسحب أيضاً على الصين، ويبدو أن هذا النوع من الحرب الهجينة هو النوع الذي تفضّله الإدارة الأمريكية الحالية التي باتت تشعر أكثر من سابقاتها أنه لم يعُد لديها فائض قوة يمكن أن تنفقه في الجبهات، وبالتالي هي تترجم هذا العجز بحروب بالوكالة حول العالم ما دام هناك من لا يزال يؤمن بحتمية العبودية لهذه الإمبراطورية!.