مجلة البعث الأسبوعية

مبنى العمال “المتهالك” ذهب مع الريح.. والبديل عشرون طابقاً بإكساء خارجي لكن بالحصة!؟

البعث الأسبوعية – وائل علي

لم يهنأ العمال بمبناهم الذي اشتروه في سبعينيات القرن المنصرم على كورنيش طرطوس البحري وشيدوه بعرق الجباه والزنود  السمر على العقار 8850 من منطقة طرطوس العقارية ليكون منتجعاً واستراحة عمالية لائقة من طراز النجوم…!!؟

أصل الحكاية…

بني الفندق في الثمانينيات بسبعة طوابق من جيوب العمال “طبعاً” بلا منة من أحد وبتكاليف وصلت إلى حوالى مئة مليون ليرة حينها في أجمل إطلالة بحرية وعلى مرمى حجر من ميناء النزهة السياحي وقبالة جزيرة أرواد المأهولة الذائعة الصيت ولكن…

ولكن…

للأسف الشديد فقد بدأت تظهر على البناء قبل استكمال إكسائه بعض التصدعات في جدرانه وعدد من أجزائه وطبقاته قبل أن يستثمر…!!؟

ما دفع بقيادة اتحاد العمال حينها بطلب خبرة فنية هندسية للكشف وتقدير الموقف وهنا الطامة الكبرى…

الطامة الكبرى...

أن تقرير اللجنة وماتلاها من خبرات ثلاثية وخماسية أكدت تصدع البناء حتى أن بعضها ذهب أبعد من ذلك من خلال التأكيد على أنه آيل للسقوط ويشكل خطراً على السلامة العامة ولابد من تدعيمه أو هدمه بالكامل وإعادة بنائه لتبدأ حكاية درامية دراماتيكية جديدة من نوع آخر …!!

البناء الذي ولد ميتاً..!!؟

بقي بناء العمال الذي ولد ميتاً على ماهو عليه متروكاً قرابة ثلاثين عاماً وأكثر يواجه مصيره ويصارع عواصف البحر ورياحه الهوجاء التي حفرت بصماتها على جدرانه وكل تفاصيله فكان الحلقة الأضعف التي تعصف بها التقلبات المناخية من جهة وتلكؤ المعالجات وتعثر الحلول التي أبقته طوال هذه السنوات العجاف عالةً على الاتحاد وخارج خارطة الاستثمار السياحي مسجلاً فوات منفعة هائلة رغم المحاولات التي بذلت مع مستثمرين وشركات كبيرة لكنها فشلت بالمطلق لأسباب مجهولة ظاهرياً على الأقل ليظل المبنى المهجور شاهداً على ضياع ملك بني بآمال وأحلام عمالية كبيرة عريضة ذهبت كلها أدراج الرياح دون أن يُسأل أو أن توجه ولو ملامة لأحد لماذا حصل ذلك  ليقيد الملف برمته بما فيه من تكاليف البناء وقيمة الاستثمار المهدورة ضد مجهول  بلغة القانون..!؟

إلى أن…

برزت على السطح وعادت إلى الواجهة أواسط العقد الماضي وبعد اندلاع الحرب على سورية فكرة استثمار الطابق الأرضي لأغراض تجارية بحتة خلافاً لتقارير اللجان الفنية المحذرة التي كانت تنذر بخطر السقوط  أسفرت عن استثمار الطابق الأرضي بالكامل لمدة عشرة أعوام  ( مضى نصفها اليوم ) وتحقيق عائدات سنوية للاتحاد تجاوزت الخمسة وثلاثين مليون ليرة إضافة إلى إجراء بعض الترميمات البسيطة من قبل المستثمرين وتجهيز الطابقين الأول والثاني ليشغلهما المكتب التنفيذي لاتحاد عمال طرطوس وعدد من النقابات التي لا مقر لديها وهذا ما أحيا وأعاد النقاش من جديد بضرورة استثمار المبنى والبحث عن مستثمر ليبدأ معها مبنى الاتحاد “المنحوس” حكاية أخرى يجب أن تروى…

عقد مجحف…!!؟

في تلك الأثناء كان الاتحاد العام  للعمال يبحث عن مخرج لمعضلة مبنى عمال طرطوس من خلال مناقصتين  فاشلتين لترسو المناقصة الثالثة على المستثمر “ر. ح” وفق صيغة استثمار بالحصة (وهو نفس المستثمر الذي يستثمر الطابق الأرضي في مبنى الاتحاد لأغراض تجارية وسياحية) لتنفيذ المشروع بموجب حصة سهمية قوامها 53% للاتحاد و47% للمستثمر… ويوضح  أيوب ابراهيم عضو المكتب التنفيذي لاتحاد عمال طرطوس أن عقد الاستثمار يتيح لكل شريك التصرف بحصته السهمية كما يحلو له ويريد …!؟

ماذا يعني هذا الكلام…؟

معناه أن عقد الاستثمار حول صاحب الملك (الاتحاد) إلى مجرد شريك بالحصة هذا أولاً…!؟

كما أنه دفن معه حلم مشروع الفندق العمالي السياحي الذي انتظره العمال قرابة نصف قرن ليتحول إلى مجرد مشروع استثماري عقاري لا أكثر ولا أقل بمعنى أنه تحول إلى ما يشبه المزاد لبيع العقارات التي تتيح لكل شريك التصرف بحصته السهمية على الورق من الآن – إن أراد – وبالقانون لأن العقد لا يتضمن أي إلزام أو التزام قانوني للشركاء ببناء الفندق الموعود اللهم انتظار انتهاء أعمال البناء المقررة بعد أربع سنوات!!

ولدى سؤال مدير الشؤون الفنية بمجلس مدينة طرطوس حسان حسن الدين حول التراخيص التي منحت للمبنى العمالي قال: طبعاً الرخصة الممنوحة على العقار ٨٨٥٠ العائد بملكيته لاتحاد عمال محافظة طرطوس قد تم منحها وفقا لتعديل المخطط التنظيمي المصدق للمدينة الصادر بالقرار الوزاري رقم ١١٠١ لعام ٢٠٠٦ بعامل الاستثمار 5 ويٌسمح بالاستخدام التجاري والسياحي في الطابق الأرضي والأول والمكاتب في بقية الطوابق وبطبيعة الحال المخططات المرفقة برخصة البناء يحدد فيها طبيعة الاستخدام في كل طابق أو قسم طابقي بشكل واضح وصريح وبما ينسجم مع المخطط التنظيمي المصدق ومنهاج الوجائب العمرانية ونظام ضابطة البناء..

وأوضح حسام حسن أن معادلة عامل الاستثمار تتيح البناء بما يعادل مساحة البناء مضروبة بخمسة والمساحة الناتجة توزع على عدد من الطوابق وفق التصميم المعماري وبما يحقق وجائب عدم البناء المفروضة..

وعلى هذا الكلام فإن مشروع الفندق أصبح حلماً على جنبات الزمن وهيهات هيهات أن يستطيع أحد إلزام المستثمر أو الاتحاد على حد سواء بمشروع الفندق وفق العقد والتراخيص البلدية الممنوحة…!!؟

العمال قالوا.. 

بالعودة لعضو المكتب التنفيذي لاتحاد عمال طرطوس أيوب ابراهيم حيث يقول: تمت المصادقة على عقد هدم وترخيص وبناء وإكساء خارجي للعقار 8850 بين اتحاد عمال طرطوس والمتعهد الشريك بالقرار رقم 1500 تاريخ 21\ 9\ 2021 الصادر عن الاتحاد العام لنقابات العمال وتم منح المباشرة بتاريخ 27 آذار 2022 لإقامة مشروع يسمح فيه بالاستعمال السياحي والتجاري بنسبة 53%  للعمال و47%  للمستثمر والمدة الزمنية لإنجاز المشروع أربع سنوات وتبلغ المساحة الطابقية حوالى عشرة آلاف م2 وعدد الطوابق تسعة عشر طابقاً (يتم العمل على زيادتها طابق إضافي وفق رئيس الاتحاد) ويتابع “ابراهيم” بالحرف أن العقد هو عقد شراكة بالحصة وليس عقد بمدة زمنية وكل فريق له حرية التصرف بحصته..!!؟

أما مكونات المشروع فتتم حسب رخصة الإشادة التي يتم منحها من قبل الجهات المعنية سابقاً وأنه لايمكن منح الرخصة السياحية لأي منشأة قبل إنجازها ومعرفة نوعية الإكساء..!! والسؤال الذي يفرض نفسه مفاده أنه طالما يحق لكل فريق حرية التصرف بحصته فعلى هذا الأساس يمكنه البيع أوالتأجير أو خلافه..!؟

إذا أين ذهب مشروع الفندق؟

والسؤال الأهم ألم يكن بالإمكان البيع مباشرة من قبل الاتحاد دون شريك سيما أن موقع البناء على الكورنيش و”العيون عليه” ويمكن أن يحقق أموالاً طائلة وأكثر بكثير لخزينة الاتحاد.

ألا يندرج ذلك في باب التفريط بأملاك العمال وتحقيق فوات منفعة بلا مبرر…؟!

ويبرر “ابراهيم” ما ذهب إليه الاتحاد بأنه لا توجد في موازنة اتحاد عمال طرطوس ولا الاتحاد العام الأموال الكافية لتغطية إقامة مثل هذا المشروع كما أن المشروع طرح مرتين للاستثمار عبر إعلانين ولم يتقدم أحد للاستثمار ومع ذلك تم طرح المشروع كمناقصة من جديد ورست المناقصة على المستثمر ” ر. ح ” كأفضل عرض كما أن المشروع حالياً في مرحلة الهدم ويحتاج لفترة زمنية ومن بعدها يتم الإقلاع بالعمل… لكن هل عدم توفر المال يبرر القبول بعقد أقل ما يقال فيه أنه مجحف بحق الاتحاد…!؟

الأمر الآخر ألا ترون أن العقد أطاح بمشروعكم السياحي الموعود ليحوله لمجرد مشروع عقاري لبيع الشقق والمكاتب التجارية لا أكثر ولا أقل بعد استثناء الطابق الأرضي والأول …!؟

ويوضح عضو المكتب التنفيذي أن العمل يتم تحت سقف القانون و ( القانون رقم ٥١ ) هو الذي نظم العمل والعقد كما أن المشروع السياحي سيبقى مشروعاً سياحياً بغض النظر إن كان هناك شريكاً أو بمفردنا..!!

لكننا نقول أي قانون وأي عقد هذا الذي يسمح بالتفريط بموقع يسيل لعاب المستثمرين له وأنتم أصحاب الملك , حقاً إنه أمر غريب…!!؟

السياحة لا تفاصيل لدينا..؟!

ولسياحة طرطوس كلام أيضاً على لسان مديرها بسام عباس حيث قال ليس لدينا أي تفاصيل عن الموضوع لتاريخه وكافة المعلومات لدى اتحاد العمال!!؟

رئيس اتحاد عمال طرطوس…

كرر أحمد خليل رئيس اتحاد عمال طرطوس  ما قاله عضو المكتب التنفيذي مضيفاً أن العمل جارٍ لإضافة الطابق العشرون للمشروع على نفقة المستثمر ووفق نفس النسبة المتفق عليها وأكد التزام العمال ببناء الفندق من الطرفين وأن المستثمر عازم على إنجاز الأعمال العقدية خلال عامين ونصف على الأكثر…

ولدى سؤال “خليل”  لماذا لم تؤسسوا لشركة مساهمة على طريقة الشركة التي بنت سلسلة فنادق الشام الشهيرة أو شركة سرياتيل للاتصالات أو ماروتا سيتي للعقارات بدمشق أو غيرها بدل بيع 47% من المبنى لمستثمر ألم يكن ذلك أفضل لكم ولعمالكم..؟

ولماذا لم يذهب المستثمر لشراء المساحة التي يريدها – وهي متوفرة بكثرة – في عقارات الواجهة الشرقية للكورنيش البحري المجاورة أم أنه وجد في عرضكم ما لم ولن يجده فيها وأن عرضكم أكثر إغراءً وجاذبية وربحاً وأسرع عائدية , بمعنى أن جدواه الاقتصادية مضمونة..!!

وطالما أن العقد شريعة المتعاقدين ماهو الضامن لعدم قيام المستثمر بيع حصته أو أجزاء منها كعقارات طالما أن العقد يتيح له التصرف بحصته بالشكل الذي يريد ترى هل تكفي الضمانة الشخصية وتجوز في مثل هذه الحالات..!!؟

ويوضح “خليل” أنه لم يطرح علينا أحد فكرة تأسيس شركة مساهمة كما أن مشكلة عقارات الواجهة الشرقية في تعدد المالكين وتبعثرهم وهناك صعوبة في إرضاء المالكين بينما عقارنا مملوك لجهة واحدة …

بكل الأحوال…

وبعد أن أصبح العقد أمراً واقعاً وأعمال الهدم أتت على نصف المبنى حتى الآن فإننا رغم ذلك نرى التوقف عند من خطط استعجالاً وتهاوناً في الحفاظ على ملك العمال.

أخيراً…

غريب أمر منشآتنا السياحية العائدة لمنظماتنا ونقاباتنا التي كانت تمتلك أفضل المواقع السياحية على الكورنيش البحري لمدينة طرطوس فنقابة المعلمين بنت فندقاً في نفس الفترة السابقة على الهيكل وهدمته وأعادت بناءه من جديد وأعطته لمستثمر مقابل عائدات رمزية مقارنة بأسعار اليوم…!!

ونقابة المهندسين الزراعيين بنت فندقاً على الهيكل في موقع قريب من فندق المعلمين وباعته على الهيكل لأحد المستثمرين “برخص التراب” الذي قام بهدمه ليخسر المهندسون الزراعيون موقعاً عقارياً وسياحياً يصعب عليهم اليوم تعويضه ولا زال الموقع لتاريخه مكباً للأنقاض وتجميع الردميات والأوساخ…!!

وعلى بعد أمتار قليلة هاهم العمال اليوم يهدمون مبناهم ليبيعوه بالحصة لمستثمر كان يمكن لهم القيام بهذه المهمة دون اللجوء لمستثمر وأن يملؤوا خزائنهم الفارغة من عائدات الموقع السياحي…!!

وسندع الملف برمته برسم المؤتمنين على أملاكٍ رغم أنهم لم يعودوا يملكون أكثر من حصة سهمية  فيها وغيرها من الجهات الرقابية ذات العلاقة…؟!