دراساتصحيفة البعث

تجنيد المرتزقة الأجانب في كييف

هيفاء علي

عند الحديث عن المقاتلين المرتزقة، سرعان ما يتبادر إلى الاذهان المرتزقة الأجانب الذين تمّ تجنيدهم واستقدامهم من 87 دولة في العالم من قبل أمريكا وفرنسا وحلفائهما وأدواتهما في المنطقة، ومن ثم تدريبهم وتمويلهم وتسليحهم قبل زجهم في صفوف التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها، حيث سقط العشرات منهم تحت أقدام الجيش العربي السوري، فيما تمّ أسر العشرات الآخرين. وها هو السيناريو يتكرر مع بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، حيث بدأ المرتزقة الأجانب في الوصول إلى أوكرانيا، إما بحثاً عن رواتب عالية أو لأسباب سياسية وأيديولوجية، حيث يتمّ تجنيد المهنيين العسكريين السابقين والمقاتلين ذوي الخبرة من الشركات العسكرية الخاصة الذين اكتسبوا خبرة قتالية في إفريقيا والشرق الأوسط. يضاف إليهم طلاب ساذجون لم يحملوا سلاحاً مطلقاً. فقد تمّ تجنيد 20 ألف مقاتل أجنبي من قبل البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأوكرانية في الخارج التي تتولى القيام بهذه المهمة. وكان الرئيس الأوكراني قد طلب من مواطني الدول الأوروبية المجيء والقتال في أوكرانيا ضد روسيا.

في هذا السياق، أفادت بعض المصادر الصحفية، ومن بينها “كونتيننتال أوبزرفر” أن السفارة الأوكرانية في باريس تنظم نقل هؤلاء المرتزقة الفرنسيين للوصول إلى الأراضي الأوكرانية ومناطق القتال، حتى أن الأوكرانيين يساعدون في هذا الأمر. وبحسب الصحيفة نفسها، هناك شبكة من الأعضاء السابقين في الجيش الكولومبي اتصلت بالجيش الأوكراني من أجل الاتفاق على إرسال الجنود إلى أوكرانيا، وتعتبر هذه صناعة بحدّ ذاتها تسعى أساساً إلى الاستفادة من الخبرة العسكرية لآلاف الجنود الكولومبيين لوضعها في خدمة الدول الأجنبية التي تقدم لهم رواتب أعلى من تلك التي يمكن أن يكسبوها في كولومبيا. وعند وصولهم إلى الأراضي الأوكرانية، يرسل “مقر التنسيق الإقليمي” لما يسمى بالفيلق الدولي للدفاع الإقليمي لأوكرانيا المرتزقة الأجانب حسب الحاجة إلى مناطق القتال المختلفة.

ولدى هذه الشبكة متطوعون معظمهم من الأوكرانيين يقيمون في مدن مختلفة في إسبانيا مثل مدريد وملقة وبرشلونة وفالنسيا ومورسيا. وبحسب “دويتشه فيله” الألمانية، فقد وقع 20 ألف مقاتل أجنبي للقتال في أوكرانيا. ومن جهته، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إلى أن كييف استقطبت حوالي 7000 مرتزق من دول مختلفة. وفي آذار الماضي، تمّ تشديد التجنيد حيث بدأوا في أخذ من لديهم خبرة عسكرية فقط، ذلك أن إرسال متطوعين غير مدربين إلى الجبهة يصبح عائقاً أكثر من كونه مساعدة، وبسبب ضعف التدريب العسكري، يُفقد المرتزقة في ظروف قتالية حقيقية ولا يعرفون كيف يقاتلون، لذلك يعود البعض إلى ديارهم. وكان العديد من الأجانب الذين قدموا إلى البلاد غير مستعدين تماماً لما ينتظرهم، حيث إن بعض المجندين ليس لديهم أكثر من خبرة الصيد الأساسية ومهارات البقاء الأساسية. ومع ذلك، بالنسبة لأوكرانيا، فإن هؤلاء المرتزقة مفيدون لأنه يتمّ إلقاؤهم في القتال من أجل الحفاظ على الجيش الأوكراني المدرب جيداً. هذا وقد هرع المرتزقة الأجانب إلى أوكرانيا طلباً للمال السهل والمكافآت الأخرى، لكنها لم تسر كما هو مخطّط لها على الإطلاق، إذ في معظم الأحيان لا يحصلون على المال الذي وعدوا به.

ويمثل المرتزقة القادمون من الولايات المتحدة حوالي 500 شخص، ومن المملكة المتحدة حوالي 300 مقاتل، ومن أفغانستان حوالي 2500. وقد تمّ القضاء على أكثر من 1500 من هؤلاء المرتزقة، فيما عاد 900 إلى منازلهم. أما بالنسبة للمرتزقة الفرنسيين فقد تمّ تسجيل ما مجموعه 164 على أراضي أوكرانيا، توفي 24 منهم وعاد 13 إلى ديارهم. ويبقى الآن 127 مرتزقاً بينهم 15 شخصاً يحملون جوازات سفر أوكرانية من الفيلق الأجنبي.

ووفقاً لوزارة الدفاع الروسية، تمّ بالفعل إحضار ما يقرب من 7000 مرتزق أجنبي من 63 دولة إلى أوكرانيا جاء معظمهم من بولندا وكندا والولايات المتحدة ورومانيا. وهناك شركتان فرنسيتان تقومان بتجنيد المرتزقة للحرب في أوكرانيا، إحداهما شركة “أمارانت”، وهي مشغل مرجعي في سوق الأمن الفرنسي الذي يمكّن الشركات من معالجة القضايا المتعلقة بالمخاطر في بداية مشاريعها، وتنفيذ الحلول في هذا المجال، ولاسيما في المناطق المعادية، ويوفر محللوها مراقبة فورية للوضع في المنطقة. وهناك أيضاً شركة “غيوس” الشركة الفرنسية الرائدة في مجال الاستخبارات الاقتصادية، والتي تريد المجيء وتحدي منافسيها الأنغلو ساكسونيين في مسارح العمليات في أوكرانيا من خلال تقديم خبرتها.