زواياصحيفة البعث

زيارة بايدن المؤجلة

 علي اليوسف

أن يقرر الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة المملكة السعودية نهاية الشهر الجاري، حسب ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”، ثم يتم التأجيل، فهذا يعني أن هناك ملفات لم تنضج بعد، أو أن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قلبت المعادلة بالتوافق مع الرياض.

منذ دخوله البيت الأبيض، عمد بايدن إدارة الظهر للمملكة، بل التهجم على سياساتها في أكثر من مناسبة، وهي التي كانت على الدوام من أهم الحلفاء لواشنطن في المنطقة. الآن وبعد تأجيل الزيارة بيوم واحد، خرجت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير خلال الإحاطة الصحافية اليومية في البيت الأبيض، وأكدت أنّ تصريحات الرئيس جو بايدن التي تعهّد خلالها جعل السعودية “منبوذة وتدفيعها الثمن”، لا تزال قائمة. هذا التصريح يحمل في طياته رسالة كبيرة جداً للمملكة، خاصةً أنه أتى على لسان متحدثة البيت الأبيض التي أكدت أنه ليس لديها معلومات عن زيارة بايدن للإعلان عنها، وليس لديها المزيد لتقدمه في هذا الوقت.

هذا التنصل من الإعلان عن الزيارة، أو تجاهلها عمداً هي ردة فعل واضحة على ما جرى بحثه بين وزير خارجية روسيا والقيادة السعودية لجهة موضوع معاقبة روسيا، أو زيادة إمدادات النفط لسد النقص الحاصل نتيجة الحرب الدائرة في أوكرانيا، وبالتالي الخروج عن الأوامر الأمريكية، والتغريد خارج السرب، وهو الأمر الذي همست به الدولة العميقة في أذن بايدن لتأجيل الزيارة حتى يتم التفاوض سراً بعيداً عن الإعلام، وتهيئة الظروف للزيارة المؤجلة كي لا تظهر الولايات المتحدة الطرف الخاسر من حرب أوكرانيا.

وبحسابات الربح والخسارة، كسبت روسيا الحرب الاقتصادية التي شنها الغرب ضدها، وبات واضحاً أن العقوبات لم تحقق أغراضها كما ينبغي، لأن أسعار الغاز والنفط التي تعد صادرات روسيا الرئيسية قد ارتفعت، وساعدها في ذلك إحجام عدد لا بأس به من الدول في سد النقص الحاصل، ومنها المملكة السعودية التي باتت في دائرة الاستهداف الأمريكي والغربي الآن.

حتى الحظر الجزئي على استيراد النفط الروسي الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي، زاد من أسعار النفط في السوق العالمية، وروسيا لا تجد صعوبة في العثور على مشترين آخرين لسلعها وكمثال على ذلك ارتفعت صادرات النفط إلى الصين بأكثر من خمسين بالمئة في نيسان الماضي مقارنة بالعام الماضي. وفي الوقت الذي تقلّص فيه أوروبا تدريجياً من استهلاك موارد الطاقة الروسية، حطم التضخم في بريطانيا والولايات المتحدة الأرقام القياسية. بشكل عام دخلت الاقتصادات الغربية فترة من النمو السلبي البطيء، فيما يتمتع الروبل الروسي بموقع قوي.

وأمام هذه المعطيات تم الاعلان عن زيارة بايدن إلى المملكة، لكن تم تأجيلها والسبب على ما يبدو أن الرئيس الأمريكي لا يريد العودة بخفي حنين، بل يريد تحقيق إنجاز ما، ليس أقله ابتزاز السعودية حتى تعوض خسائر واشنطن وحلفائها من دعمهم الحرب في أوكرانيا، أو دق إسفين بين المملكة وروسيا، وأشياء أخرى كثيرة في ملفات العلاقات السعودية- الأمريكية!