الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

لماذا يا نقابة المعلّمين؟!!

عبد الكريم النّاعم

لا أعرفُ مدى الجدوى من الكتابة، ورغم هذا فلا أملك إلاّ أن أكتب تعبيراً عن الألم، فالموجوع لا يُلام إذا صاح آآآخ، وأعتذر من قرّاء “البعث” الأكارم إذْ أُصبّحهم بما لا يسرّ، وما أقلّ الأشياء السّارّة في أزمنتنا هذه!.

الأصل في تشكيل النقابة لمجموعة من النّاس هو أن يكون لهم ممثلّون يعبّرون عن مطالبهم، ويلاحقونها، ويسعون بكلّ قواهم لرفع الحيف، إذا وقع، عن منتسبي هذه النقابة، جماعات أو أفراداً، ذلك هو الأصل والذي من أجله وُجِدت التنظيمات النقابيّة بعامّة، أمّا أن تتحوّل النّقابة إلى مؤسّسة ما تكاد تعبأ بمصالح منتسبيها، فذلك ما لا ينسجم مع الروح التي أُنشئت من أجلها، وهذا ما أوقعته نقابة المعلّمين مؤخّراً بمنتسبيها.

نقابة المعلّمين من أكبر نقابات هذا البلد عدداً، ويُقال – أقول: “يُقال” – إنّها من أغنى هذه النقابات، ولستُ أنفي ما تُقدمه من خدمات يجري اختصارها، ربّما بالتدريج، ومنتسبو هذه النقابة من أكثر الموظفين فقْراً – أقول “فقّراً” – لأنّ هذه الوظيفة التي كانت “تستر” موظَّفها، أصبحتْ بعد عشريّة “الإخوان” و”الدّواعش” ما تسدّ الرّمق، وزاد الطين بلّة أنّ الموظفين في قطاعات الدولة الأخرى، (ربّما) رقّعوا بعض الخروق من هنا ومن هناك، أمّا المعلّم فليس له إلاّ راتبه، ورغم هذا الواقع الذي لا يخفى فما أدري ما السبب الذي يجعل النقابة تُقدم على ما أقدمت عليه، في ظروف الغلاء التي هي في ارتفاع يوميّ، وليس ثمّة مَن يوقف هذا النزيف النفسي والمادّي.

كانت وصفة النقابة تُصرَف في صيدليات النقابة حصراً، وهي غالباً لا توجد فيها كلّ الأدوية التي يكتبها الأطباء، علماً أنّها متوفّرة في أية صيدلية أخرى.. هذه الوصفة كان المعلّم يدفع أربعين بالمائة من ثمن الوصفة.. فجأة يصدر قرار بأن يدفع المعلّم خمسين بالمائة!!

كان المعلّم يأخذ وصفة الدواء الدائمة، ويقصد مكاناً تحدّده النقابة، يُوافَق فيها عليها وتُصوَّر اثنتا عشرة صورة، بعدد أشهر السنة، ويدفع المعلّم مبلغاً لقاء ذلك.. فجأة يصدر قرار بأنّ هذه الوصفات يجب أن تُجدّد كلّ ستة أشهر، ومن يذهب إلى أي فرع من فروع النقابة يُشاهد معلّمين متقاعدين، بعضهم يجرّ نفسه جرّاً بسبب المرض والسنّ، كان يذهب مرّة في السنة، والآن عليه أن يذهب مرّتين، فما الغاية من ذلك، وما الهدف، وهل الذين اتّخذوا القرار توقّفوا قليلاً عند معانيات زملائهم المتقاعدين؟!!

لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، بل أضيف إليه أنّ المطلوب من صاحب الوصفة الدّائمة أن يُرفق أوراقه بتحليل، أو بتخطيط قلب، لم يمضِ عليه أكثر من ثلاثة أشهر، هذه ربّما أُخذت من شرط قبول السجّل العدلي!! وهذا يعني أنّ على المعلّم إمّا أن يُجري تحليلاً، أو أن يذهب لطبيبه لإجراء تخطيط جديد للقلب، وأنتم تعلمون كم يكلّف ذلك..

تُرى، هل وشى أحد للنقابة بأنّ راتب المعلّم يفيض عن حاجته، فصدّقتْ ذلك؟!!.

يا زملاءنا في النقابة المركزيّة، هل تعرفون مدى الأضرار النفسيّة والماديّة التي تسبّبتم بها لزملائكم الذين بعضهم على حافّة قبره، وبعضهم ربّما تمنّى الموت للتخلّص من مواجهات حياة لم يبقَ فيها عِرْق أخضر؟!!.

أنتم لستم مؤبّدين في مواقعكم، تلك سنّة الحياة، ولسوف تعودون إلى صفوفنا نحن المقهورين، فهل حسبتم حساب ذلك؟!!.

هل تُدركون مدى الألم الذي ألحقتموه بشريحة واسعة من منتسبيكم، يُفترَض فيكم أن تدافعوا عنها، لا أن تكونوا أذى عليها؟!!.

ترى لمن نتوجّه، وقد صحّ فينا قول الشاعر: “فيك الخصامُ وأنتَ الخصمُ والحَكَمُ”؟!!.

aaalnaem@gmail.com