أخبارصحيفة البعث

لافروف: الغرب “يقاوم بشراسة” تشكيل عالم ديمقراطي متعدّد الأقطاب

البعث – وكالات:

لا تزال الفكرة الرئيسية التي تسيطر الآن على الوضع السياسي في العالم أجمع، مسألة انهيار النظام العالمي الذي كان يخضع لهيمنة القطب الواحد الأمريكي، في مواجهة مخاض نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب تأخذ فيه القوى العالمية الصاعدة موقعها الطبيعي في العالم بعيداً عن احتكار الولايات المتحدة للقرار.

ويبدو أن هناك عملاً غربياً مستمراً لمقاومة هذه الفكرة منذ زمن بعيد، ولكن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا والعقوبات الغربية غير المسبوقة المفروضة عليها بذريعتها ظهّرت هذه المقاومة بشكل واضح، حيث تحدّثت الدول الغربية بوضوح عن رغبتها في هزيمة روسيا استراتيجياً حتى لا تتمكّن من النهوض مجدّداً والمساهمة في تحقيق هذه الفكرة.

وفي السياق، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: إن الغرب لا يريد أن يفقد هيمنته و”يقاوم بشراسة” تشكيل عالم ديمقراطي متعدّد الأقطاب.

وأكد وزير الخارجية الروسي في تصريح اليوم الخميس، أن “مسألة تشكيل عالم ديمقراطي متعدّد الأقطاب ذات أهمية خاصة اليوم”، مضيفاً: “نشهد مقاومة شرسة للتغييرات الجارية من جانب الدول التي لا تريد أن تفقد مركزها المهيمن في نظام العلاقات الدولية”.

وأشار لافروف إلى أنه من المهم خلال القراءات للوضع العالمي الانتباه إلى القيم والعوامل الثقافية للتغيّرات العالمية.

وسبق أن صرّح وزير الخارجية الروسي بأن تطوّرات الأوضاع حول أوكرانيا هي بداية للقطع مع النظام العالمي ذي القطب الواحد، وهي معركة لولادة نظام عالمي جديد.

في سياق متصل بمستقبل العالم، صرّح ممثل الرئيس الروسي لشؤون التنمية الرقمية، ديمتري بيسكوف، بأن ما ينتظر العالم في السنوات القليلة المقبلة هو انتهاء حقبة “العولمة” وبداية “الشرذمة” وتحوّل العالم إلى “جزر” منفصلة.

وتابع بيسكوف: “السيناريو الأكثر ترجيحاً في السنوات القادمة هو إضفاء الطابع الجُزُري على العالم، وكذلك انهيار العولمة ونهاية نظام الأمن العالمي في القرن العشرين، وهو الأمر الذي يكاد يكون مضموناً. كذلك ينتظر العالم إعادة تشغيل أسواق التكنولوجيا، وتأميم المعايير التقنية، ونقل إنتاج السلع الأساسية”.

جاء ذلك في عمود صحفي كتبه بيسكوف لجريدة “آر بي سي” RBC الروسية، حيث تابع: سيتعيّن على روسيا، في السنوات العشر المقبلة، أن تخلق “سيادتها التكنولوجية” كجزء من سيناريو بناء “جزيرتها” المستقلة، وهو الأمر نفسه الذي ينتظر الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

بالإضافة إلى ذلك، والحديث لبيسكوف، تواجه روسيا الآن عدداً من التحديات الرئيسية، التي من بينها الاستجابة للأجندة الخضراء، وإنشاء كتلة اقتصادية تقنية خاصة بها، وحزمة تصدير المنتجات الزراعية، وخلق جيل جديد من ممرات النقل اللوجستي مع الدول الآسيوية، وكذلك حل مشكلة رأس المال البشري والأمن العالمي.

وأضاف ممثل الرئيس لشؤون التنمية الرقمية: في واقع اليوم، ليس من المنطقي الانخراط في التكنولوجيا دون حل لمشكلة سيادة المعرفة، ما يعني وجود القدرات التحليلية للفرد، بغرض “فصل ما تحتاج إليه حقاً، عمّا يفرضه عليك الآخرون”.

وبالتالي، ووفقاً لبيسكوف، يجب أن تساعد السيادة التكنولوجية على ضمان الأمن والطاقة والاستقلال الغذائي وتوفر السلع الأساسية وتوصيلية النقل وإنتاج المعلومات والوصول إلى وسائل الإنتاج.

وفيما يخص فشل العقوبات الغربية على روسيا في تحقيق أهدافها، رأت وكالة أنباء “بلومبرغ” أن رفض عدد من الدول حول العالم انتقاد تصرّفات روسيا في أوكرانيا كان نتيجة “فشل” و”خطأ جسيم” من الولايات المتحدة وحلفائها.

وذكر أصحاب المقالة الافتتاحية أن رفض عدد من الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا انتقاد العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، يعود إلى “خطأ فادح” من جانب الغرب، زاعمين أن “التسامح المحبط” لجنوب الكرة الأرضية تجاه تصرّفات روسيا هو “فشل للولايات المتحدة وأصدقائها” يحتاج إلى “تصحيح”.

وتذكر المقالة أنه خلال التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على العملية الروسية الخاصة، امتنعت 35 دولة عن “إدانتها”، بما في ذلك الصين والهند وجنوب إفريقيا وعدد من الدول الأخرى.

وحسب المؤلفين، فإن مزيج إمدادات الأسلحة الروسية والاستثمار الصيني و”إهمال الولايات المتحدة”، أقنع العديد من الدول بأن التحالف مع أمريكا “لا مستقبل له”.

وفي الوقت نفسه، تلفت المقالة إلى أن هذا الاتجاه على ما يبدو أصبح عالمياً. وهكذا، تسبّبت القمة الجارية للأمريكتين في توترات جديدة، حيث يقاوم قادة المنطقة “رغبة الولايات المتحدة في دعوة الدول حسب تقديراتها. وفي أيار، عانت قمة الولايات المتحدة وآسيان في واشنطن من “إخفاق يصمّ الآذان”.

وتقول المقالة الافتتاحية في هذا السياق: “قدّمت بكين لقاحات ضد فيروس كورونا إلى العديد من البلدان المنكوبة، بينما كانت روسيا ولا تزال مورّداً رئيساً للأسلحة، وكذلك الحبوب والأسمدة إلى الهند وجزء كبير من إفريقيا. وفي الوقت نفسه، لم تطرح موسكو ولا بكين أسئلة حول حرية الانتخابات وحقوق الإنسان”.

من جهة ثانية، رصدت الوكالة الفيدرالية الروسية لشؤون القوميات تزايد التأثير الإعلامي من الخارج بهدف زعزعة استقرار روسيا، وأنه يتعزّز مع تدهور أوضاع الجيش الأوكراني على جبهات العملية الخاصة.

وذكرت هذه الهيئة أن “نظام مراقبة معلومات الدولة في مجال العلاقات بين الأعراق والأديان والإنذار المبكر في حالات الصراع، الذي تديره الوكالة الفيدرالية لشؤون القوميات، يسجّل بعد بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، تأثيراً إعلامياً متزايداً من الخارج يهدف إلى زعزعة استقرار الوضع داخل روسيا، فقد زاد المؤشر الخاص بهذا الأمر أكثر من 10 مرات منذ العام الماضي”.

وأشير أيضاً إلى أن التأثير المعلوماتي الخارجي يتصاعد مع استمرار العملية الخاصة، والأرقام لشهر نيسان 2022 أعلى بمقدار 1.5 مرة مما كانت عليه في آذار، وفي أيار رُصدت زيادة أخرى بمقدار الربع.

وأوضحت الخدمة الصحفية لهذه الهيئة الروسية المعنية بالرصد الإعلامي، أن “ذلك يعني أن وضع القوات المسلحة الأوكرانية كلما كان أسوأ، زادت محاولات الغرب الجماعي نشاطاً لإثارة السخط والتناقضات على أسس عرقية ودينية بين كيانات الاتحاد الروسي”.

وفي شأن آخر، صرّح رئيس الوفد الروسي للمحادثات بشأن الأمن العسكري والحدّ من التسلّح في فيينا، كونستانتين غافريلوف، بأن الأسلحة المورّدة إلى أوكرانيا تُباع في السوق السوداء وترسل إلى الشرق الأوسط.

جاء ذلك في حديث له على قناة “روسيا-24” على الهواء مباشرة، حيث صرّح غافريلوف بأن الأسلحة التي قدّمها الغرب لكييف، وجدت طريقها بالفعل الآن إلى السوق السوداء، وتذهب إلى الشرق الأوسط، وتابع: “هناك خطر انتشار الأسلحة الصغيرة الخفيفة من منطقة الصراع، وخاصة الصواريخ الأمريكية المحمولة الموجّهة المضادة للدبابات (جافلن) وغيرها من المنظومات المضادة للدبابات، وكذلك منظومات الدفاع الجوي المحمولة، إلى جميع أنحاء العالم. وهناك حقائق مؤكدة فعلياً الآن بصدد بيع بعض هذه الأسلحة في السوق السوداء، وإرسالها إلى الشرق الأوسط. وقد رأينا مثل هذه المشاهد”.

وأعلن غافريلوف أن ردّ بلاده سيكون فورياً إذا تعرّضت لهجوم أوكراني بأنظمة أسلحة بعيدة المدى.

وقال غافريلوف في مقابلة مع قناة روسيا 24 اليوم: “نتابع بشكل خاص إمداد أوكرانيا بمدافع الهاوتزر البعيدة المدى وراجمات هاميرس التي تهدّد ليس فقط أمن دونباس ولكن أمن روسيا الاتحادية أيضاً”.

وأضاف: “لقد أعلنا موقف روسيا بوضوح فإذا تعرّضت لهجوم بهذه الأنظمة البعيدة المدى فستكون الاستجابة فورية ضد مراكز النظام الأوكراني في كييف”.