صحيفة البعثمحليات

ورطة تربوية وتعليمية!

غسان فطوم

من الملاحظ من خلال الاعتراضات على بعض الأسئلة في امتحاني الشهادتين الإعدادية والثانوية أن البيت السوري لم يهضم بعد فكرة أو أنموذج الامتحان الذي يعتمد على مهارات وإبداع الطالب من خلال التحليل والتركيب في الإجابة بعيداً عن الحفظ البصم للكتاب، وختمه من الجلد للجلد، وتفريغه رشاً على الورقة الامتحانية.

هذه الحالة تُشير بوضوح لوجود جهل لدرجة الخوف من المناهج الجديدة، ونوعية الأسئلة التي يمكن أن تطيح بأحلام الأهل وأبنائهم بالحصول على معدلات تؤهلهم لدراسة الفرع الذي يريدونه في الجامعة، وذلك حسب تصورهم، نتيجة تعوّدهم على أسلوب تقليدي في الامتحانات، وهذا بلا شك يضع الأجهزة التربوية في المدارس في ورطة، وحتى لاحقاً في الجامعات في سعي: (التربية والتعليم العالي) لتطوير النظام التعليمي، وتحقيق “التعليم للجميع والتميز للجميع” في آن واحد، فهذا الشعار يحتاج لجهود جبارة للوصول إلى الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة من خلال تحقيق الانسجام ما بين الكفاءة الداخلية للتعليم المتمثّلة بإعداد وبناء قدرات الرأسمال البشري, والكفاءة الخارجية التي تتجلى بمخرجات تلبي متطلبات سوق العمل الذي لم يعد يرضى بشهادة تقليدية حتى لو كانت بمعدل امتياز، هنا ثمة ملاحظة يجب ألا تغيب عن اهتمام أصحاب القرار، فالتركيز على الكفاءة الداخلية وحدها قد يؤدي إلى عزل التعليم عن وظائفه وأهدافه التنموية، بمعنى أن يتحول إلى مجرد طرائق وأساليب تدريس ومناهج معزولة عن مساهمته في عملية التنمية، لذا لا بد من الانتباه.

للأسف، مناهج التعليم في مدارسنا وجامعاتنا، رغم كل ما يقال عن تطويرها وتحديثها، لغاية اليوم تعاني من الهفوات والثغرات، حيث لم تنجح في عكس المستوى المعوّل عليه للتلاميذ والطلاب، فعقلية الحصول على الشهادة مازالت تتقدم على التركيز على جني المعرفة، وهذا ما يُحتّم علينا الإسراع في إحداث ثورة علـى المناهج التقليدية للوصول إلى مناهج عصرية تعزز وتنمي القدرات والمهارات الإبداعية، وتميز بين الطالب الذكي والآخر العادي أو الضعيف.

بالمختصر، إن تطوير مناهجنا ونقلها من الحالة النمطية إلى الحالة العصرية التي تلبي رغبات ومتطلبات سوق العمل، أمر يحتاج للدعم المعنوي والمادي، فمن المحال الرهان على طالب مبدع إذا هو لم يقتنع بالمنهاج، عدا عن عدم توفر المختبرات والأدوات التي تسهل عليه فهم المادة والتمكن منها وهو على مقاعد الدراسة، وفي حياته العملية، وفي السياق ذاته علينا قبل أن نخطو الخطوة الأولى في تطوير المناهج أن نطوّر ذهنية المعلّمين والمدرّسين والقيادات التربوية التقليدية التي لا تتناسب أفكارها مع فلسفة التعليم بحلّته الجديدة التي تتوافق مع المجتمع المعلوماتي، ففاقد الشيء لا يعطيه.

gassanazf@gmail.com