اقتصادصحيفة البعث

“ما حدا بيسمعنا”..!؟

علي بلال قاسم

يشهد تاريخ القطاع البيئي – مذ كان وزارة مستقلة ووصولاً بالدمج مع الإدارة المحلية – بالكثير من النكوص في تقديم الذات والقليل من التفاعل الحكومي والوزاري مع دور من المفترض أن يكون أكثر من مهم في ظل التوجهات والخطط التنموية التي يجب أن تضع الملف البيئي على سلم الأولويات في أي نشاط وتوجه ومشروع وتشريع، ولكن لطالما كثر الحديث عن تباطؤ الوزارة في تحقيق إنجاز أو خرق في معظم القضايا والأضابير ليعود الأعضاء بكفي حنين من مئات اللجان المشتركة التي تجمعها مع الجهات الأخرى والشكوى الدائمة “ما حدا بيسمعنا”.

ومع تشدد الدول التي “تحترم اقتصادها وتغنجه ” في تطبيق الاشتراطات والأسس البيئية بلا أدنى مساومة أو تجاوز لأصغر الصغائر، تبدو الصورة مقلوبة تماماً عند من خبر ارتكاب أفظع الأعمال والسلوكيات بحق الحاضنة البيئية، من النواتج الصناعية الخطيرة إلى العناد في استخدام الطاقة السوداء في ظل ارتفاع الفاتورة مقابل التعامي عن طاقات متجددة ونظيفة والأهم رخيصة.

في مضمارنا هذا، عندما تسأل مسؤولاً بيئياً عن رصيد وزارة البيئة في تعبيد طريق التحول نحو “الحكومة الخضراء”، لا تفاجأ إذا نفى معرفته بهذا المصطلح بالأصل فكيف إذا طلبت منه شرح تفاصيل الرصيد وفنيات التعبيد وحتى أشكال التحول، فما ألفناه من ترهل وانكفاء وحتى تراخ في إدارة وتحريك ملفات القطاع كفيل بإعطاء انطباع جلي عن التقصير الميداني الذي يقدم هذه الجهة بقدها وقديدها على أنها غير فاعلة وليست مؤثرة بالدرجة المأمولة منها حتى ولو خرج من يقول إنصافا: “ثمة اجتهاد بلا إصابة”؟

هنا يطفو على السطح العنوان الأبرز الذي لطالما تنطَّحت به الوزارات وهو الانتقال الملح نحو الاقتصاد الأخضر الذي تدعي البيئة سعيها وتشجيعها له منذ بداية إنشائها أي منذ عقود طويلة، ولكن هذا الكلام لم يتجسد على الأرض، إلا منذ نحو أربع سنوات عبر سلسلة منذ الندوات والورش والمحاضرات التي أقيمت محلياً أو خارجياً، أما المراحل السابقة فلم يكن الطرح بذاك الصيت والتشجيع الذي يحاول هذا الوزير أو ذاك تسويقه.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: أين مصير الخطة الوطنية التي روجتها الوزارة منذ مطلع 2011، وادعت المباشرة بها؟ علماً أن البعض يؤكد أن الإنجاز كان متقدماً، ولكن على الورق فقط، لتبقى مشاريع واستراتيجيات البرنامج الصديق للبيئة الذي صمم أصلاً لوضع خريطة طريق للحكومات وصانعي القرار بلا تحريك، علماً أن الآمال معلقة كثيراً على إعادة رسم الأسواق المالية والإنفاق والاستثمار العام  والخاص وإعداد معايير الشراء الحكومي المستدام وعناوين عريضة أخرى من قبيل الصندوق الأخضر لتمويل المشاريع.

والأهم من كل هذا وذاك، نسأل صراحة: هل وزارة الإدارة المحلية والبيئة قادرة على إقناع صناعي واحد بتركيب محطة تحويل نفايات وصرف حتى نتكلم عن استراتيجيات ونظم من قبيل “إيكولوجيا الأرض”؟