دراساتصحيفة البعث

الوثائق تدحض رواية البنتاغون

عناية ناصر

اعترف مسؤولو الإدارة الأمريكية في بيان صدر مؤخراً أن البلاد ساعدت في بناء وصيانة مختبرات بيولوجية على الأراضي الأوكرانية على مدار العقدين الماضيين. وجاء هذا الاعتراف من البنتاغون، الأمر الذي يعزّز الأهمية العسكرية لبرنامج المختبرات البيولوجية في الخارج. ومع ذلك، لا يزال المسؤولون الأمريكيون يصرّون على ترديد الرواية الخاطئة الواضحة بأن المختبرات كانت مخصّصة للاستخدام السلمي.

إذا كانت المختبرات البيولوجية موجودة بالفعل فقط بطريقة غير عسكرية، فيمكن أن تدار من قبل المؤسّسات المدنية التابعة للإدارة الأمريكية، بدلاً من المشاركة الفعالة للقوات المسلحة ووكالات الاستخبارات. وفي هذه الحالة، ستكون السلطات الصحية الأمريكية هي من يطالب الحكومة بتقديم إيضاحات عامة حول القضية، وليس البنتاغون.

في ظلّ الظروف الحالية، يبدو أن السلطات الأمريكية تناقض نفسها بشكل مستمر، فهي غير قادرة على إخفاء الحقيقة الواضحة بأن البلاد كانت تنتج أبحاثاً طبية حيوية ذات طبيعة عسكرية في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسة الأمنية المحيطة بالبحوث التي أُجريت هناك تثير الشكوك حول إمكانية استخدامها السلمي. وعلى الرغم من ادعاء البنتاغون أن الولايات المتحدة تصرّفت بالشراكة مع المنظمات الأوكرانية والدولية، لم تنشر البيانات حول نتائج الأبحاث في هذه المختبرات. في الواقع، لقد سبق لبعض السلطات الأمريكية أن أنكرت وجود المختبرات، على الرغم من أن أشخاصاً محدّدين، مثل وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، اعترفوا بوجودها أيضاً، ما يدلّ على وجود تصريحات متناقضة باستمرار من قبل حكومة الولايات المتحدة.

يبدو أنه في الوضع الحالي، وبعد أن كشفت روسيا الكثير من البيانات حول الأنشطة السرية لمثل هذه المعامل وداعميها، لم يعد هناك أي وسيلة يمكن لواشنطن من خلالها إنكار وجود هذه الأنشطة، لذلك تحاول الحفاظ على السيطرة على الضرر من خلال “اعتراف جزئي” يقرّ بوجود أسلحة بيولوجية، ولكن ينفي استخدامها. علاوة على ذلك، حتى لو تمّ اعتبار أن جميع تصريحات البنتاغون صحيحة، فإن العديد من الأسئلة ستبقى غامضة بلا إجابة. ووفقاً للبيانات التي قدمتها روسيا، اشتملت مصادر تمويل المختبرات على شبكة واسعة من الوكلاء الخاصين، بما في ذلك شركات الأدوية الكبرى، مثل فيزر وموديرنا، وهنتر بايدن نفسه، نجل الرئيس الأمريكي، المعروف عالمياً بقيامه بأنشطة غير قانونية في أوكرانيا. ولم يتمّ توضيح أي من هذا من قبل البنتاغون، أو أي سلطة أمريكية أخرى حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، من خلال عدم الردّ على مصادر التمويل الخاصة، تثير واشنطن المزيد من الشكوك حول الأبحاث المحتملة حول الأسلحة البيولوجية. صحيح أنه تمّ استخدام أموال عامة أمريكية في عمليات المختبرات البيولوجية، لكن روسيا تندّد بوجود استثمارات خاصة لم تعترف بها الولايات المتحدة حتى الآن. وهذا يعني أنه كان هناك على الأقل مصدران لتمويل مثل هذه الأنشطة، أحدهما الإدارة الأمريكية نفسها، التي يُفترض أنها موّلت البحوث الطبية الحيوية السلمية، أما المصدر الآخر، الذي يشمل شركات الأدوية والوكلاء الفاسدين، فلا يزال غير واضح. بالتأكيد، كان هذا المصدر هو الذي موّل البحث غير القانوني للأسلحة البيولوجية، والتي لا يمكن تضمينها في الوثائق المحاسبية الرسمية للولايات المتحدة، بمعنى هناك الكثير من الأسئلة التي لم تُجب عنها واشنطن بعد؟.