اقتصادصحيفة البعث

الإعداد والتحضير قبل موعد “الانتخابات المحلية”؟

قسيم دحدل

مع اقتراب موعد صدور مرسوم دعوة الهيئة الناخبة لانتخاب أعضاء المجالس المحلية في سورية، وعطفاً على إصدار السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم ١٦٣ لعام ٢٠٢٢ القاضي بحل مجلس مدينة سلمية بمحافظة حماة، والذي جاء في إطار تصويب العمل ومكافحة الفساد ومعالجة الإهمال في تقديم الخدمات وعدم الالتزام والتقيد بمعالجة مخالفات البناء، لا بد من التوقف عند أهمية تلك المجالس بكافة مستوياتها ودورها ومسؤولياتها في صياغة الاستراتيجيات الاستثمارية والتنموية والخدمية العاجلة والآجلة في المجتمعات المحلية التي تنتخبها لأجل التطوير في أوجه العمل المحلي وتنشيطه بما يكفل الوصول بتلك المجتمعات إلى السوية التي تحتاجها، وبالشكل والمضمون اللذين يعكسان قانون الإدارة المحلية الجديد الذي دون مبالغة فتح الكثير من الأبواب التي كانت مغلقة سابقاً في وجه الارتقاء بالأنشطة المحلية والفعاليات المكونة لها في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية.

وإذا كانت الأعمال المادية بنتائجها حين المحاسبة، فلا شك أن الضمير والمصداقية والأخلاق التي يمكن أن تكون معنوية، إن جاز لنا التعبير، لا يمكن المحاسبة فيها كونها نابعة من الذات الإنسانية، وهذه لا يكشفها ويحكمها إلا مقدار ما يترجم من أفعال مادية تدلل على وجودها أو لا.

بناء عليه، إن الكلام عن وجوبية البحث عن مرشّحين – من الطراز الرفيع أخلاقاً وخبرة –  ليشغلوا مقاعد الإدارة المحلية هو الحل الوحيد لنجاح العمل في الإدارة المحلية ومجالسها، كون الأخلاق دون خبرة تعد جموداً في الإدارة، كما أن الخبرة دون أخلاق تعني انهياراً بسبب الفساد والطمع.

وعليه، فإن الوصول بأعضاء على قدر المسؤولية والكفاءة يتطلب من كل المجموعات (رجال أعمال، خبراء إدارة، أحزاب، نقابات، جمعيات) والأفراد، القيام بمحاكمة لأسماء جديرة بالمقاعد، وذلك بشكل مُسبق وبوقت كاف عن بدء الترشيحات ليتم اختيار الأفضل بشكل هادئ ورصين، وعدم الانتظار لصدور مرسوم دعوة الهيئة الناخبة وانتهاء فترة الترشيح، لأن السقف للاختيار المتأخّر يصبح منخفضاً، لأن المرشّحين يصبحون أمراً واقعاً، وسقف اختياراتنا يصبح منخفضاً.

إن النوم على حرير القدرة الانتخابية للأحزاب أو رجال الأعمال أو الخبراء بالإدارة المختصين بأنهم قادرون على الوصول بذاتهم أو من يدعمونهم، هو درب محفوف بفشل الإنجاز، وإن كانوا قادرين على الاكتساح انتخابياً، لأنه عبر عشرات السنين كان الترهل والفشل هما نتيجة تلك التصرفات في كثير من المجالس المحلية .

كذلك إن زراعة الفكرة التي تقول إن المجالس المحلية هي فقط رئيس المجلس، تسيء إلى العمل التعاوني والرقابي في المجالس، بينما زراعة وإذكاء الفكرة التي تقول إن العمل الجماعي والتعاوني، إضافة للرقابة الفردية الفاعلة والمستمرة (لكل عضو بمفرده) هما السبيل للإنتاج الإيجابي والمجتمعي وزيادة الإنتاج، والواجب أن تتصدر وتتسيّد الموقف، لأن الإنجاز هو عمل شبكي تعاوني ورقابة فعّالة من الجميع.

إن الادعاء بالإنجاز ومحاولة إقناع الآخرين أيضاً بأن رئيس مجلس محلي أو بعض الأعضاء من هذا المجلس قد قاموا بإنجازات كبيرة (من خلال استفادتهم من انتشار الميديا الإعلامية وتكنولوجيا التواصل الاجتماعي التي أصبحت شائعة ومتوفرة)، لا يعطيهم نقاطاً إنجازية إلا إذا كانت لهم إنجازات فعلاً وليس في العالم الافتراضي، لأن المواطن/ الناخب يُفتَرض أنه سيقارن الإنجازات المكتوبة على صفحات التواصل مع واقع الخدمات الفعلية المُنْجَزَة: (مياه، كهرباء، مدارس، طرقات، ثقافة، اقتصاد، فرص عمل، دعم ومساعدة قطاع الزراعة، الحِرَف والصناعة، الصحة.. إلخ).

مما سبق يمكن القول إن ترشيح أشخاص يمتلكون الأخلاق والخبرة القوية هي الحل الوحيد لتحقيق إنجازات مهمة تخفف من وطأة الأزمة الراهنة، ومن خطأ فرض مرشّحين ينجحون انتخابياً/ شعبياً، لكنهم يفتقدون إلى الشرطين النظاميين (الأخلاق والخبرة) للتفاعل المُنتِج.

في ضوء هذا نؤكد أن حُسْن اختيار الأحزاب للمرشّحين، مع استمزاج رأي المجتمع بهم بشكل مُسبق، طريقة ممتازة، لأن هؤلاء المرشّحين يمكن أن يصبحوا أعضاء مجالس.

ومن هنا نرى أن بدء عقد لقاءات اجتماعية لاستمزاج آراء الناس بمرشّحيهم، خطوة مهمة ستؤدي إلى إنجازات في المجالس المحلية.

Qassim1965@gmail.com