صحيفة البعثمحليات

اجتماعات ووعود!!

غسان فطوم

مرة جديدة “نستمتع” بقراءة أخبار الاجتماعات واللقاءات عن العمل على تطوير القطاع الزراعي، وتحسين مناخ الاستثمار فيه، ونسمع كلاماً يصوّر الواقع وكأنه في أحسن حال، ولكننا لا نعرف إلى متى نبقى ندور في حلقة مفرغة نجتر فيها كلاماً مجافياً للحقيقة على وقع وعود يتم وأدها، أو تتلاشى إلى حد الانكماش، لحظة إطفاء الأنوار ومغادرة الإعلام.

فوسط شكوى المزارعين وأنين المربين للثروة الحيوانية والدواجن، ليس مجدياً أن نستعرض في كل مناسبة أحوال الواقع الزراعي الحالي المثقل بالهموم، بشقيه: الحيواني والنباتي، ومستلزمات الإنتاج والتسويق، والرؤية المستقبلية لتطويره، والميزات التي يتمتع بها، وما وفره قانون الاستثمار الجديد رقم 18 لعام 2021، فهذا العرض الذي سمعناه منذ أيام بات من المحفوظات القديمة التي تُثقل بها ذاكرة المزارعين والمربين والصناعيين والمستثمرين الذين مازالوا بانتظار تذوق عسل الوعود بعد مرارة المعاناة، لاسيما ما يتعلق بالتسويق!
اليوم ليس وقت الإضاءة على القوانين والتشريعات الناظمة للاستثمار بقطاع الزراعة، والاطلاع على الصعوبات والمعوقات التي يمكن أن تواجه الراغبين بالاستثمار به، ومناقشة آلية تقديم التسهيلات لهم، فهذه مهمة ووظيفة الإرشاديات الزراعية “العاطلة عن العمل”، فما نحن بحاجة إليه هو العمل الجدي على الأرض لتسكين آلام المزارعين الذي يرمون محاصيلهم بالأنهار، ويتركون الثمار تسقط تحت الأشجار، فالفلاح المنهك من تكاليف الإنتاج وصعوبات التسويق لا تهمه استمارة بحثية لتحديد الصعوبات التي يعاني منها القطاع الزراعي، فخراج محصوله الكاسد أو التالف خير دليل على حجم المعاناة التي يعرفها تماماً أصحاب القرار الزراعي!.
وبحسب الرواية الرسمية، فإن قطاع الزراعة يساهم حالياً بأكثر من 14% من الناتج المحلي؛ وإذا كانت رؤية وزارة الزراعة تستهدف “تحويل القطاع الزراعي إلى قطاع تنموي تنافسي”، فإن ذلك لن ينجح إلا بدعم المزارعين وتحفيزهم على الإنتاج بمواصفات تنافسية تجذب المستثمرين لإقامة مشاريع إنتاجية في مختلف الزراعات وتصنيع منتجاتها، إضافة للمنتجات الحيوانية.
بالمختصر.. نقدّر الاهتمام بتشجيع الاستثمار بالقطاع الزراعي الذي تأخر كثيراً بفعل عوامل عديدة، من بينها سوء إدارة مواردنا الزراعية بدءاً من الحراثة، مروراً بالزراعة والإنتاج، وصولاً إلى التسويق؛ وهنا نضم صوتنا إلى أصوات ودعوات الكثير من الباحثين الاقتصاديين بضرورة العمل على إحداث قاعدة بيانات بعدد المنتجين الزراعيين، وكمية المنتجات، وحاجة السوق الداخلية والخارجية، بمعنى رسم خريطة اقتصادية واضحة المعالم للمساحات المزروعة وتقديرات إنتاجها، وكيفية تسويقها، واستثمار الفائض منها بالتصنيع، وهنا تبرز الحاجة والضرورة للتنسيق ما بين وزارتي الزراعة والصناعة، والذي ما زال ضعيفاً بكل أسف، وهذا بالتأكيد لا يخدم الرؤى المستقبلية المرسومة على الورق، والتي تحتاج لإدارة ناجحة وقوية تعرف كيف تصوّب للهدف المنشود بعيداً عن أية أعذار وتبريرات لم تعد مهضومة!.

gassanazf@gmail.com