صحيفة البعثمحليات

أعوامٌ لغِلالنا..؟!

رغم أن قمحنا يعني سلتنا الغذائية الرئيسية لأنه رغيف خبزنا وكفاف يومنا ومسامير ركبنا وضمانة أمننا الغذائي المنشود، ولأنه عشرة آلاف عام من التاريخ، حيث نفخر بأن أجدادنا أول من اكتشف وزرع حبة القمح وحصد غلال سنابلها في أوغاريت ورأس شمرا الساحليتين وقدموها للعالم أجمع، لكن تاريخنا القمحي العريق لم يكن شفيعنا، ففشل عام القمح أيما فشل، أما لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ فهذه قضية لم نتوقف عندها بالشكل الذي ينبغي ويرتقي لحجم ما جرى، اللهم تحميلها لمشجب الحصار والعقوبات!!.

ورغم أن الكثير من الأسباب قدّمت، لكنها لم تشفِ الغليل بكل صراحة ووضوح، ولم تتمكن من إقناع الرأي العام أو الإجابة على استفساراته، ولا بد في هذا السياق من التوقف عند ما تسبّب به الاحتلالان التركي والأمريكي والعصابات التكفيرية و”القسدية”، والإرهاب المنظم والموجّه الذي أحرق الحقول والمحاصيل والأهراءات وأشبعوها نهباً وسرقة وتهديداً واستغلالاً وتنكيلاً بالمزارعين في أراضيهم في رابعة النهار، فما كانت النتيجة إلا حصاد الخيبة والريح!.

والغريب أن موسم قمح هذا العام مرّ بصمت بعيداً عن البروباغاندا التي شهدها الموسم الفائت، ونجح إلى حدّ كبير لكن بهمة فلاحنا وتصميمه “ووطنيته” التي دفعته لإعادة الألق لمحصول القمح رغم كل الظروف وقلة الإمكانات ونقص كميات السماد والمازوت والنقل. وقد تمكن مزارعنا من حصاد حوالى مليون طن قمح وفق التقديرات المتداولة، وهي كمية تعادل ثلث إلى ربع احتياجاتنا السنوية، وهو أمر بالغ الأهمية بكل المقاييس وتسليمه للدولة التي لا ننكر أنها قدمت سعراً مجزياً ومغرياً.

وعليه، فإننا نسأل عن الموانع التي تحول دون أن نضع محاصيلنا بذات كفة سلة غلال القمح، لنكون عوناً للفلاح في كل نتاجه الزراعي الذي يمثل هويتنا بلا منازع ولا منافس، طالما أننا أرض التين والزيتون والحمضيات والقطن والشوندر السكري والخضار بأنواعها بما فيها الاستوائية والصنوبريات والفستق الحلبي والعبيد والبطاطا.. والقائمة تطول!!. 

وعلى وزارة الزراعة، على وجه الخصوص، ومن خلفها الحكومة، العمل ليس ليكون لدينا عام قمح وحسب، بل عام لكل المواسم في بلد يملك التنوع الزراعي والمناخي والجغرافي، ولاسيما أن العالم مقبل على تحولات خطيرة تتهددها المجاعات والفقر والحرمان ونقص الثروات والإمكانات، وعلينا التعاطي مع هذا الواقع والصمود في وجه تياراته الجارفة التي لا يعرف أحد مداها ولا منتهاها ولا إلى أين ستصل؟!.

وائل علي