صحيفة البعثمحليات

الإدارات لا تعطي الموظف الحرية الإيجابية وتعتبره تكلفة وعبئاً على المؤسسة

دمشق – بشير فرزان

تتسارع وتيرة الاستقالات في مؤسّسات وشركات القطاع العام، حيث نجد الكثير من العاملين في هذا القطاع يحاولون ترك العمل تحت عنوان الواقع المعيشي الصعب وضعف الدخل والرواتب والبحث عن فرصة أخرى، سواء في القطاع الخاص أو خارج الحدود، وبشكل يعيق العمل ويهدّد بانهيار إداري داخل المؤسّسات التي تعاني من نقص كبير في اليد العاملة.

في جلسة مع بعض المختصين بالإدارة، والذين أرادوا أن تكون للدردشة وتبادل وجهات النظر، أكدوا بداية أن من حق المواطن “الموظف” تحسين وضعه المعيشي، وخاصة شريحة الموظفين الذين باتوا أكثر حاجة وعوزاً في الأيام الحالية لعدم التوازن بين الدخل والإنفاق، وتقديم الاستقالة أحد الحلول التي يتمّ اللجوء إليها في هذه الظروف المعيشية الصعبة.

ومن القضايا التي طُرحت في هذه الجلسة واقع الإدارات وكيفية تعاطيها مع الواقع الوظيفي، والموظف تحديداً، حيث أشاروا إلى وجوب تغيير طريقة تفكير الإدارات بشأن الموظف التي تعتبره كجندي بين حجارة الشطرنج يتمّ الاستغناء عنه متى شاءت، علماً أن هذا الموظف قد يكون درعاً حصيناً لأهم حجر في الرقعة بشرط توجيهه وقيادته بالشكل الأمثل، لأن أغلب الإدارات لا تعطي الموظف الحرية الإيجابية وتعتبره تكلفة وعبئاً على المؤسّسة يجب الاستغناء عنه بأول فرصة متاحة، بل تخشى من تطويره وتدريبه خوفاً من عدم استمراره وقيامه بالانتقال إلى فرصة عمل أفضل، لأنه لو تمّ اتباع سياسة التطوير المستمر، إضافة للتحفيز عبر الإنتاجية والفعالية العالية للموظفين واتباع نظام الحوافز المستمر والمكافأة، فسوف نحافظ على الموظفين، وأضافوا أن الكون لا ينتهي في حال الخطأ بالعمل.

كما بيّنوا أن الكادر البشري والفكري في سورية متنوع جداً كمورد، وهو موظف دوماً، والدليل أن مؤسّسات الدولة ما زالت مستمرة بالعمل كونها محمية بالقانون والدستور، وهذا طبعاً في القطاع العام، وهي وإن كانت لا تُدار بكفاءة أو بمعدلات نمو غير مرضية أو قليلة نوعاً ما فهذا لا يعني أنها لا تُدار بشكل صحيح، لأن المشكلة تقبع في الإدارات الاقتصادية الضعيفة والاستراتيجيات القديمة التي تحتاج إلى تطوير على الأقل لاستثمار الموارد المتاحة ومنها الموارد البشرية. وأشاروا إلى أن الفساد شيء لا بد من وجوده في كل المجتمعات لأنه من طبائع الأشياء، وهو ضرورة أحياناً، لكن إلى مستوى معيّن، لأن كل اقتصاد يحتاجه وفق أطر وضوابط وبنسب ضيقة، والمشكلة أن الفساد يتضخم بسبب ضعف القيادات والنظم الإدارية، وخاصة في المشروع العام.

ويرى أصحاب الخبرة أن الطريقة المثلى لاستثمار الكفاءات الفكرية والبشرية يجب أن تتمّ وفق ضوابط ومعايير دقيقة تمّت تجربتها من قبل في دول عانت من الحرب أو لم تعانِ مثل اليابان، وعبر استقطاب الخبراء المميزين في هذا المجال، لذلك يجب البدء بالتخطيط السليم وإيجاد استراتيجيات متعدّدة تتعلق بالأحوال العامة الآمنة والمضطربة والطارئة والبناء عليها بيد كفاءات وطنية مدرّبة. وأضافوا أن القطاعات الخدمية يقتصر عملها اليوم على تطبيق الإجراءات الإدارية اليومية، ما يحدث خللاً حقيقياً في الإدارة، وخاصة في العامل البشري والفكري، ولذلك يجب القيام بعدد من الخطوات من أبرزها حصر الموارد الموجودة في الدولة، وفي مقدمتها العامل البشري والفكري، ودراسة الأولويات والاحتياجات وترتيبها من الأهم إلى الأقل أهمية، وتخفيف القيود على التشريعات الموجودة التي تسبّب عائقاً أمام التنمية الصحيحة لأنها منفرة للاستثمار نظراً للعوائق الموجودة بين طياتها، إضافة إلى التخطيط السليم لإدارة الموارد والمؤسّسات من قبل الخبرات الإدارية، والابتعاد عن المحسوبية لما فيها من أثر سلبي على قطاع التنمية، كما تتطلّب الاعتماد على الجودة في الخدمة والأداء لتخفيف الفاقد، وتوظيف الفكر والعنصر البشري بالشكل الأمثل من خلال اختيار قيادات تملك الإرادة الحقيقية للإصلاح في كل القطاعات، وضرورة وجود معايير دقيقة لاختيار هذه القيادات.