أخبارصحيفة البعث

تنصّلٌ أمريكي من تحريض ليتوانيا على استفزاز روسيا

تقرير إخباري:

بعد أن شعرت واشنطن أن الاستفزاز الذي دفعت ليتوانيا إليه فيما يخصّ حصار مقاطعة كالينينغراد الروسية، يمكن أن يجرّ حلف شمال الأطلسي “ناتو” إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، أو على الأقل إلى إحراج الناتو في حال قرّرت روسيا الردّ على ليتوانيا عسكرياً، تحاول الآن التنصّل من فكرة أن الحلف هو الذي دفع فيلنيوس إلى هذا الاستفزاز أو زيّن الفكرة في رؤوس قادتها، وهذا التنصّل يتم تمريره كالعادة عبر الصحف والمجلات الأمريكية، وليس عبر الممرات الدبلوماسية التقليدية.

وفي هذا السياق، بيّنت الخبيرة إيما أشفورد في حوار لها مع مجلة فورين بوليسي، أن ليتوانيا استدرجت حلف شمال الأطلسي إلى فخ، بمضيّها في توتير العلاقات مع روسيا بشأن قيود العبور إلى كالينينغراد، وتساءلت حول تشاور الليتوانيين مع حلفائهم في أوروبا الغربية أو مع الولايات المتحدة قبل اتخاذ هذا الخيار، ورجّحت أن تكون هذه الحالة محتملة لاستدراج التحالف إلى فخ، وهذا ما يمكن فهمه عندما يحاول أحد أعضاء الاتحاد وهو الأصغر والأكثر ضعفاً استدراج حليفه إلى صراع لا يلبّي مصالحه.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن مقاطعة كالينينغراد تقع بين بولندا وليتوانيا العضوين في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهي مدينة ساحلية وكانت ميناء تجارياً مهمّاً على بحر البلطيق لمئات السنين، كما أنها جزء من روسيا إلا أنه ليس لها حدود برية أو بحرية معها وتتلقى جميع إمداداتها من روسيا عبر شبكة خطوط السكك الحديدية وأنبوب الغاز الروسي عبر ليتوانيا.

هذا التصرّف جعلته الخبيرة دافعاً إلى القول: إن السياسة الليتوانية تُظهر أن فيلنيوس تميل إلى إفساد العلاقات مع موسكو أكثر بكثير من شركائها في فرنسا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة، وأضافت آشفورد: إنها آسفة حيال الوضع الحالي للجيب الروسي في كالينينغراد، مشيرة إلى أن المنطقة سبق أن طوّرت علاقات نشطة مع جيرانها.

وكانت السكك الحديدية الليتوانية قد أخطرت في وقت سابق خطوط سكك حديد كالينينغراد بإنهاء عبور عدد من السلع الخاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي بدءاً من 18 حزيران. وتوقف الاتحاد الأوروبي عن السماح للشاحنات المسجّلة في روسيا بالدخول إلى الدول الأوروبية في بداية نيسان، ومع ذلك تم استثناء عبور البضائع إلى منطقة كالينينغراد، ويجري حالياً الحظر الذي أعلنته ليتوانيا على عبور جميع البضائع الخاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي في مخالفة واضحة للبيان الموقّع بين روسيا والاتحاد الأوروبي في عام 2003 حول نقل البضائع إلى المقاطعة.

وفي هذا السياق أعلن كيستوتيس بودريس مستشار الرئيس الليتواني عن إجراء سلطات بلاده مشاورات مع المفوضية الأوروبية حول مسألة المبادئ الأساسية لعبور الشحنات الروسية إلى منطقة كالينينغراد، حيث تتشاور ليتوانيا والمفوضية الأوروبية حول مبادئ عبور البضائع الروسية إلى كالينينغراد، وذلك في محاولة ربّما لإعادة الكرة إلى ملعب الاتحاد، أو إلى تمييع الموضوع والقول إنه مجرّد التزام بعقوبات فرضها الاتحاد الذي تنتمي ليتوانيا إليه.

ووصف صحفي كرواتي ما تفعله ليتوانيا بـ”اللعب بالنار” في كالينينغراد الروسية.

أما الجانب الروسي فصرّح عبر وزارة الخارجية الروسية والكرملين بأن تصرّفات ليتوانيا غير قانونية ومخالفة للاتفاقيات الدولية. ولكن ليتوانيا والاتحاد الأوروبي يصرّان على القفز فوق الموضوع بالقول: إن الدولة لم تفرض أي قيود أحادية أو إضافية، ولكنها فقط “تطبّق عقوبات الاتحاد الأوروبي”، وهذا بحدّ ذاته يؤكد أن الاتحاد الأوروبي بعقوباته يخالف مبادئه الأساسية، فضلاً عن نقضه للاتفاقات الموقّعة مع الجانب الروسي.

وفي المحصلة، يبدو أن حلف شمال الأطلسي يدرك جيّداً أنه لا يستطيع أن يستفزّ الجانب الروسي إلى الحدّ الذي يجعله يتورّط بحرب مباشرة معه، وبالتالي رأى أن عليه أن يبتعد كثيراً عن الإعلان أنه يقف وراء الاستفزاز الليتواني في كالينينغراد أو يحرّض عليه.

ميادة حسن