ثقافةصحيفة البعث

عصام جنيد.. يرحل وحيداً

آصف إبراهيم
فقدت الأغنية السورية، والوسط الأدبي أمس الشاعر الغنائي عصام جنيد الذي كتب نحو ألف أغنية عربية صدحت بها حناجر كبار المطربين العرب على مدى نصف قرن.
عصام جنيد الذي قضى سنواته الأخيرة معتكفاً وحيداً في مدينة حمص كان يعزّ عليه أن يلقى ما لقيه من إهمال المؤسّسات الإعلامية والثقافية بعد مشواره الحافل بالعطاء، والأثر الثرّ الذي خلفه وراءه من أغنيات ردّدها الجمهور السوري والعربي سنوات طويلة مغناة بأصوات مطربين حققوا شهرة واسعة وفي مقدمتهم فؤاد غازي، ولاسيما مع أغنية “جدولاتك مجنونة” والياس كرم مع أغنية “يا وليف الزين يا اسمراني” إلى الشحرورة “صباح” ومجموعة أغنيات في مسرحية “كنز الأسطورة”، إلى جانب نجيب السراج، ومحمد جمال، وعازار حبيب، ومروان محفوظ، وكلودا الشمالي، وداليدا رحمة، ووائل كفوري.. وغيرهم.
بدأت موهبة جنيد في كتابة الشعر منذ سن الخامسة عشرة، وكانت أولى أغانيه “يا بو الجبين العالي” خلال سبعينيات القرن الماضي بمناسبة تدشين سد الفرات، وأدّت الأغنية المطربة الراحلة نور الصباح، ولحنها آنذاك الموسيقار مصطفى كريدية، ليبدأ مشواره مع الأغنية يأخذ طريق المجد مع كبار المطربين العرب.

شارك في العديد من البرامج الإذاعية، كبرنامج شعر زجلي الذي قدّمه الشعراء عيسى أيوب، وحسين حمزة، ومحمد جومر، بعنوان “كرم وعناقيد”. وبعد ذلك أصدر ديواناً بعنوان “مشوار زجل”.

عن بداية مشواره كان يقول: ظهرت بذور موهبتي مبكراً في الصف الرابع الابتدائي، فوالدي كان شاعراً مولعاً بالأدب يقتني مكتبة عامرة، عندما لمس شغفي بالمطالعة راح يشجعني ويزوّدني بالكتب التي كانت تناسب عمري.
صقلت دراسة الأدب العربي وتدريسها في ثانويات مدينة حمص موهبتي وفتحت لي نوافذ جديدة، وحققت لي مناخاً أدبياً ومعرفياً وفق مؤثرات ومحدّدات في النقد والبلاغة والتعرّف إلى عباقرة الشعراء. وفي المرحلة الثانوية، بدأت كتابة الخاطرة والقصة القصيرة والشعر المحكي، وكنت أطلعه على ما أخطّه من كلمات، وكلي ثقة بأن ما أكتبه من شعر لا يقلّ أهمية عما أسمعه في الإذاعة من أشعار اللغة المحكية، منذ يفاعة الشباب وأنا أعيش دفق التعبير حيال مواضيع متنوعة ما بين الخاص والعام، فكنت أحوّلها إلى وريقات حتى غدت خبرة تراكمية، فبدايتي تدفقت على يد الأستاذ عبد الكريم الناعم تشجيعاً ومشاركات في الأمسيات، نتج عنها صدور ديوان شعر بعنوان “مشوار”، وهكذا اتسع حضوري، ومشاركاتي إلى أن تلقفني منير الأحمد رئيس لجنة النصوص الغنائية في الإذاعة آنذاك لتحقق كلمات الأغنيات التي أكتبها حضوراً واسعاً بين الفنانين الذين بدأ الكثير منهم يتواصل معي.

عصام جنيد من مواليد مصياف عام ١٩٥٠، عاش في مدينة حمص التي احتضنت رفاته بصمت رغم الصخب الذي عاشه فيها سنواته السبعين.