اقتصادصحيفة البعث

حملة على “بسطات” اقتصاد الظل.. ولا صدى لمبررات الباعة بذريعة الاسترزاق

دمشق- علي بلال قاسم

أثارت الحملة الموجّهة ضد البسطات والأكشاك، وجميع الإشغالات غير المرخصة، ارتياحاً لدى شريحة واسعة من المواطنين ومستخدمي الطرق والأرصفة، ماعدا أصحابها والمشتغلين فيها أو المسترزقين منها، ولاسيما أن الشارع بات يضيق ذرعاً إلى حدّ ما عاد فيه المواطن يتحمّل النزول إلى السوق أو التحرك في أي شارع أو حديقة أو مرفق عام!.

المسألة باختصار تتجسّد بظاهرة درجت وشاعت منذ سنوات لتسيطر على الأرصفة والممرات والطرق الرئيسية والفرعية، وحتى الأزقة ومداخل الأبنية والمؤسّسات العامة والخاصة. إنها طفرة البسطات والعربات وباعة الشنطات ومستثمري التراخي المؤسساتي والإداري، مع حالات مخالفة وغير نظامية كهذه، حيث باتت الأماكن كلها تحت إيقاع تجارة لا تقدّم للوجه الاقتصادي إلا الصورة الأسوأ والنموذج غير اللائق الذي طالما نعتناه باقتصاد الظل الذي اجتهدنا وما نزال لمحاولة تنظيمه وجعله قانونياً ولم نفلح.

قد تكون المعاناة شاملة لجميع الأسواق والمحافظات، ولكن الأزمة على أشدها في دمشق حيث تنتشر مئات وآلاف البسطات، ما يؤرّق المواطن والتاجر والصناعي وعمليات الخدمة العامة وسيرورة الحياة وحركة المركبات والمشاة، ولاسيما مع تفشي عرض المنتجات والسلع الأكثر رداءة والأقل مواصفة، وكذلك انتشار تقديم الخدمات غير الجيدة والملتبسة، إذ ثبت اعتماد هذه التجارة المنفلتة من عقال الرقابة على منتجات مجهولة المصدر وغير معروفة من حيث المنشأ والمواصفة والسعر، وبالتالي هناك ما يدعو للريبة في سياق انفلاش الممارسات وعدم ضبطها ومنعها.

البعض يرى بتجارة البسطات فرصة عمل لا يمكن إغفالها، وبالتالي يصعب تناسي حقيقة المعاناة من البطالة التي تساهم البسطات في حلّ جزء منها، في وقت لا يقتنع الكثير من الشبان بأي وظيفة أو مسابقة مركزية لا تدرّ عليه ربع ما تعود عليه البسطة في أسبوع، وبالتالي أي حلّ ما قد يواجه صعوبات وعراقيل لن تخرج من سياق ما يصبّ في إطار قطع الأرزاق ومحاربة لقمة عيش من يعتبرون مع الزمن أن أي مقاربة لعملهم بمثابة التعدي على نشاطهم التجاري الذي يقيهم شر مدّ اليد، هذا إذا لم نتكلم عن أزمة سيشكلها أي إجراء بحق البسطات.

من وجهة نظر أصحاب الفعاليات التجارية والصناعية والخدمية فإن استفحال هذه الظاهرة لم يسبق له مثيل، وفق وجهة نظر رئيس غرفة تجارة دمشق، من حيث التداعيات والآثار التي يتركها هذا النشاط غير النظامي والتي تؤدي إلى نتائج مزعجة بحق المنتج الوطني، وكذلك العمل المنظم والقطاعات التي تعمل وفق القوانين والأنظمة المعمول بها في هذا الوقت.

في كلّ الأحوال تكفل القوانين والدساتير والأنظمة حق المواطن في العمل، لكن ليس بالعشوائية واللا تنظيم مما يشوّه وجه التنمية والنشاط العام للبلد، وهذا ما دفع محافظة دمشق لبدء العلاج بالكيّ بعد “طولة بال” استغرقت سنوات من الحكمة والعقلانية مع هذا الملف المتعب، وبدأت الحملة والمنع، والمبرّر أن مساحات شاغرة ومتوفرة تمّ تأمينها كبدائل تمثل أسواقاً شعبية لهؤلاء، ولكن لم يلتزم أحد بها وبقيت فارغة وحان الوقت لتنظيف المدينة من مشهدها غير الحضاري والمزعج لكلّ أوجه الحياة ومناحيها.