دراساتصحيفة البعث

أوسكار فورتين يعلن عن صحوة جديدة للإنسانية

هيفاء علي

من وجهة نظر الصحفي الفرنسي أوسكار فورتين، فقد أحدث وباء كورونا والحرب في أوكرانيا وعياً جديداً على الصعيد السياسي، وعلى صعيد الحقوق والحريات الأساسية للأفراد والشعوب والأمم، حتى بات هناك تغيير عميق في طريقه إلى تعديل طبيعته ووجوده، وبالتالي يدرك العالم أكثر من أي وقت مضى أن هذا العالم الذي نعيش فيه يخضع بالفعل لسيطرة قوى عظمى تهيمن على كل شيء، سواء في السياسة أو الدين أو الاتصال أو القوة العسكرية.

على المستوى السياسي، فإن التغيير الكبير الضروري هو الانتقال من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدّد الأقطاب، لأن العالم أحادي القطب تحت قيادة العم سام يعتبر نفسه مفوضاً من الله ليحكم العالم، بحيث يقرّر الصواب والخطأ بما يناسبه، ويحدّد من هم الأخيار ومن هم الأشرار وفقاً لمصالحهم الخاصة بالطبع. أما احترام القانون الدولي فهو مطلوب من الآخرين فقط، أما هم أنفسهم فلا يشعرون بأنهم يخضعون لميثاق الأمم المتحدة، بل يفرضون الحصار الاقتصادي، والعقوبات ضد الشعوب المتمردة، ويشنون الحرب في العراق، وفي سورية وليبيا واليمن، بالإضافة إلى ممارسات أخرى كثيرة.

ومن ثم يشير الصحفي إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي شجبته هذه القوة الإمبريالية قال في بيان صحفي صدر مؤخراً: “قبل عام، على هامش منتدى دافوس، تمّ التأكيد بوضوح على أن عصر العالم أحادي القطب قد مات ودُفن، هذا العصر مات ودفن رغم كل محاولات إحيائه والتشبث به مهما كان الثمن”. وبالطبع بالنسبة للرئيس الروسي، هذا مجرد مسار طبيعي للأمور.

من الواضح أن العالم لم يعد يسمح لنفسه بأن تحكمه الولايات المتحدة الأمريكية، القوة التي أعلنت نفسها وكيل الله لتوجيه شعوب وأمم الأرض. يجب أن أضيف إلى ذلك أن دولة الفاتيكان جعلت نفسها متواطئة في أشكال مختلفة، وخاصةً عندما اتخذت السياسة الخارجية الأمريكية بعد 11 أيلول بعداً بلاغياً شبه ديني، حين لم يتردّد بوش الابن في استحضار “معركة الخير ضد الشر”. يعتقد خليفة كلينتون أن لديه مهمة يجب إنجازها، وهي محاربة الإرهاب، وإتباع سياسة تحمي الأمريكيين من الشر المطلق الذي يمثله مزيج من الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل و”الدول المارقة”.

من الواضح أن هذه “الدول المارقة” هي تلك التي تقاوم تدخّل الولايات المتحدة، وتؤكد استقلالها وسيادتها. أما بالنسبة للإرهابيين، فإن الرئيس هو الذي يقرّر ويحدّد من هم. الكل على صورة الله يقرّر الخير والشر، ولكن ماذا عن استخدامهم للإرهابيين واستقدامهم من كل أصقاع الأرض في حربهم في سورية وليبيا؟ وماذا عن العالم متعدّد الأقطاب؟.

في الحقيقة، الأمر يختلف مع العالم متعدّد الأقطاب الذي يتمّ تطويره حالياً، حيث سيتمّ دعم العالم متعدّد الأقطاب وحمايته، في الوقت الحالي، من قبل الأعضاء الخمسة الذين يشكلون مجموعة البريكس: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا التي تدعم احترام ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد حق الشعوب والأمم في استقلالها وسيادتها.